منزلة الصلاة في الاسلام

منزلة الصلاة في الاسلام

أعطى الإسلام الصلاة منزلة كبيرة فهي أول ما أوجبه الله من العبادات، كما أنها أول عبادة يحاسب عليها المسلم يوم القيامة وقد فرضت ليلة المعراج قال أنس بن مالك فرضت الصلاة على النبي ليلة أسرى به خمسين صلاة، ثم نقصت حتى جعلت خمساً، ثم نودى يا محمد إنه لا يبدل القول لدي، وإن لك بهذه الخمس خمسين  وقال عبد الله بن قرط منقولاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله.»
وعَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَىالرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ.»  وفي حديث عن الإمام جعفر الصادق«إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة» وقد ذكرت الصلاة في القرآن في أكثر من موضع منها ما جاء في سورة المؤمنون{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ  الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } وأيضاً في سورة الكوثر{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } وأيضاً في سورة الأعلى{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} وأيضاً سورة طه{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }.

قال الامام الشعراوي في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم , ينبغي أن تعلم أن الله سبحانه لا يكلف عباده بأداء شيء من العبادات ثم يسقطها عنه الا لضرورة أو حكمة من أجل خير الإنسان , ومن بين العبادات التي لا تسقط عن الانسان أبدا الصلاة فالمكلف يؤديها مهما كانت الأمور التي يواجهها صحية أو غيرها فهو يصلي في حالة مرضه إما قاعدا أو نائما أو يصلي بالإيماء أو يصلي بجفن عينه وحتى إذا أصيب بشلل تام لا يستطيع معه فعل أي شيء صلى بإجراء خواطر الصلاة على قلبه و الصلاة بذلك تتميز على بقية أركان الإسلام الخمسة فالمسلم يقول  لا إله إلا الله محمد رسول الله مرة واحدة في العمر وتكفي وفي الصيام ييسقط عنه إذا كان مريضا أو مسافرا وفي الزكاة إذا لم يكن لديه سقطت عنه وكذلك الحج إن لم يستطع فكل ركن يمكن أن يسقط عن الانسان إلا الصلاة .

وأسباب تميز الصلاة يرجع الى أن كل ركن أخذ عظمته من كيفية تشريعه فكل الأركان جاءت بالوحي  ولكن تشريع الصلاة وحده جاء بالمباشر واستدعى الله سبحانه وتتعالى رسوله صللى الله عليه وسلم إليه وفرض الصلاة , وكما فرض الله تعالى الصلاة بالمباشر جعل أداءهها من المؤمنين بالمباشر أيضا حيث يلتقي المؤمن بربه خمس مرات فرضا في اليوم والليلة وترك حرية الاختيار للانسان في ألا يبرح لقاءه بربه متى وأنى شاء فإن الله سبحانه و تعالى لا يمل حتى يمل العبد ومن هنا كانت الصلاة هي الفارقة بين المؤمن و الكافر وكما قاال الرسول صلى الله عليه وسلم { العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة }.

وبعد أن جعل الله الاسلام أركانا جاء فحمل المسلم ما يمكن أن يؤديه من هذه الأركان , فأركان الاسلام هي

  • الشهادة.
  • الصلاة.
  • الصوم
  • الزكاة
  • الحج لمن استطاع اليه سبيل .

والمسلم ينطق بالشهادة ويؤدي الصللاة ولمنه قد لا يملك ماالا لذلك يفيه الحق من الزكاة وقد يكون صاحب مرض دائم فلا يستطيع الصوم فيعفيه اللله من الصوم وقد لا تكون عنده القدرة على الحج فيعفيه الحق من الحق أما شهادة {لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله } فقد لا يقولها المسلم في العمر الا مرة واحدة ولم يبقى الا ركن الصلاة لأدائها ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { رأس الأمر كله الاسلام وعموده الصلاة} .

ولأن الصلاة هي الركن الذي لا يسقط إلا في حالتي الموت وذهاب العقل فقد جمع الله فيها كل الأركان فعند إقامة االصلاة يشهد المسلم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وخلال الصلاة يصوم الانسان عن الطعام و الشراب وإضافة الى ذلك يصوم ويمتنع عن الكلام أيضا وهكذاا نجد الصلاة أوسع في الامساك عن ركن الصيام فالانسان وهو يقيم الصلاة يحبس نفسه عن أشياء كثيرة قد يفعلها وهو صائم فالصوم لا يمنع الانسان من الحركة الى أي مكان لكن الصلاة تمنع الانسان إلا من الوقوف بين يدي الله .

إذن فالصلاة تأخذ إمساكا من نوع أوسع من إمساك المؤمن في الصيام والزكاة هي إخراج جزء من المال والمال يأتي به الانسان من الحركة  و العمل , والحركة و العمل تأخذ من الوقت , وحين يصلي المسلم فهو يزكي  بالأصل إنه يزكي ببذل الوقت الذي هو وعاء الحركة إذن ففي الصلاة زكاة واسعة , والحج الى االبيت الحرام موججود في الصلاة لأن المسلم يتحرى الاتجاه الى البيت الحرام كقبلة في كل صلاة وهكذا .

ولذلك اختلفت الصللاة عن بقية الأركان فلم تشرع بواسطة الوحي وإنما شرعت بالمباشر بين الله و الرسول صلى الله عليه وسلم ولأن هذه هي منزلة االصلاة نجد االحق يحذرنا ممن أن يشغلنا الضرب في الأرض عنها بل شرع سبحانه صلاة مخصوصة  اسمها ” صلاة الحرب و صلاة الخوف ” حتى لا يقولن أحد ان الحرب تمنعنا من الصلاة ففي الحرب يكون من الأولى بالمسلم أن يلتحم بمنهج ربه كذلك من الأولى بالمسلم أن يلتحم بمنهج ربه , كذلك في السفر يشرع الحق قصر الصلوات إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}.

و الضرب في الأرض مقصود به أن يمشي المؤمن في الأرض بصلابة و عزم وقوة والقصر في الصلاة هو اختزال الكمية العددية لركعاتها و في اللغة إختصار و اقتصار , الاقتصار أن تأخذ بعضا و تترك بعضا و الاختصار هو أخذ الكل بصفة موجزة مثال ذلك عندما نختصر كتابا فنحن نوجز كل المعاني التي فيه في عدد أقل من الكلمات .

والقصر في الصلاة هو أن يؤدي المؤمن كلا من صلاة الظهر و العصر و العشاء ركعتين بدلا من أربع  ركعات أما الصبح و المغرب فكلاهما على حاله الصبح ركعتان و المغرب ثلاث ركعات و حكمة مشروعيته ذلك أن الصلاة في وقت الحرب تقتضي ألا ينشغل المقاتلون عن العدو ولا ينشغلوا أيضا عن قول الحق إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} .

فإذا شرع الله للخوف صلاة وللحرب صلاة ففمعنى ذلك أنه لا سبيل أبدا لأن ينسى االعبد المؤمن اقامة الصلاة وإذا كانت الصلاة واجبة في الحرب فلن تكون هناك مشاغل في الحياة أكثر من مشاغل الحرب و السيف و صلاة الحرب جاء بها القرآن أما صلاة السفر فقد جاءت بها السنة أيضا وفيها يقصر المؤمن صلواته أيضا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}.

ولو رأى الكافرون المؤمنون مصفوفين جميعا في الصلاة فقد يهجمون عليهم هجمة واحدة ولذلك شرع الحق قصر الصلاة.

زر الذهاب إلى الأعلى