العنف الأسري

((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ))الكهف[46] 

 الأسرة هي نواة المجتمع وهي المؤسسة الاجتماعية الأولى المسوؤلة عن تربية النشء لما لها من دور أساسي في تشكيل شخصية الأبناء , لأنها السند والملجأ والسكن وزينة الحياة الدنيا . حيث أن الأسرة تمثل للإنسان المأوى الدافئ ، والملجأ الآمن والعلاقة الطبيعية المفترضة بين أركان هذه الأسرة (الزوج والزوجة والأولاد) هي الحب والمودة . وتقع مسؤولية ذلك بالدرجة الأولى على المرأة بحكم التركيبة العاطفية التي خلقها الله تعالى عليها , ولكي تتمكن الزوجة من القيام بهذا فهي تتوقع من الزوج التعاون والتقدير بالإضافة للعطاء والاحترام المتبادل.
ولكن في بعض الأحيان قد تتحول الأسرة إلى حلبة صراع حيث يلجأ أحد أفراد الأسرة إلى استخدام القوة المادية والمعنوية استخداماً غير مشروع لإلحاق الأذى ضد أفراد آخرين من هذه الأسرة. وتُبين جميع الدراسات التي تجريها الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج هو المعتدي الأول مما يجعله قضية حساسة كونه أمر عائلي بين الزوج والزوجة ، ويأتي بعد الزوجة في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا للعنف الأسري.

فهناك من الآباء و الأمهات يستخدمون أساليب معاملة والدية ايجابية في تربية الأبناء و البعض الآخر يستخدم أساليب معاملة و الدية سلبية .. 

 

أولاً : أساليب المعاملة الايجابية :

وتشير إلى ذلك النشاط الذي يتضمن العديد من السلوكيات والتصرفات الإيجابية ، والتي تعمل على إحداث تأثير إيجابي على سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم الظاهرة .

وتشمل أساليب المعاملة التالية :

الضبط التربوي :

ويتميز بالضبط المعتدل الذي يعطي تفسيرات للقواعد التي ينبغي إتباعها في مواقف الحياة المختلفة .

منح الاستقلال الذاتي :

ويعني منح الابن قدراً من الحرية لينظم سلوكه بدون تدخل دائم ومتسلط من الوالدين .

التفاعل الاجتماعي :

يقصد به : عمليات التأثير والتأثر المستمر بين العناصر المكونة للجماعة ، وتتم هذه العمليات عن طريق الاتصال بوسائله المختلفة. وكذلك عن طريق المشاركة الوجدانية والتقليد ووحدة الهدف والغايات، والمشاركة الفكرية .

ثانيــاً :أساليب المعاملة السلبية :

وهي تلك الأساليب التي يتبعها الوالدان وتتضمن نماذج غير سوية في معاملة الأبناء وتشمل أساليب المعاملة التالية :

التسلط :

ويعني : فرض النظام الصارم على الأبناء من قبل الوالدين معتمدين على سلطتهما وقوتهما .

الحماية الزائدة :

وهي المغالاة في المحافظة على الأبناء والخوف عليهم .

التذبذب في المعاملة :

ويعني اختلاف المعاملة من موقف لآخر قد يصل في بعض الأحيان إلى درجة التناقض .

القسوة والنبذ :

تشير إلى ممارسة العنف مع الأبناء والإيذاء النفسي أو البدني ، وحرمانهم من الإحساس بالرعاية الوالدية .

التفرقة في المعاملة :

ويتضمن هذا الأسلوب عدم توخي المساواة والعدل بين الأبناء في المعاملة .

التساهل والتدليل الزائد :

ويعني تلبية مطالب الأبناء حتى ولو لم تكن واقعية .

تعريف العنف بشكل عام :

استخدام القوّة الماديّة أو القوة المعنوية بشكل عدواني لإلحاق الضرر بأي شخص آخر.

فالعنف الأسري :

هواستخدام القوة والاعتداء اللفظي، أو الجسدي، أو الجنسي من قبل أحد أفراد الأسرة تجاه فرد
آخر في داخل الأسرة نفسها ممّا يترتّب عليه ضرر واضطراب نفسي، أو اجتماعي، أو جسدي. 

أشكال العنف الأسري : 

 

1 -العنف الجسدي : 

وينتج عن هذا السلوك عادةً إلحاق الأذى الجسدي، أو الضرر البدني بالطفل بصورةٍ مباشرةٍ كالضرب، أو التسميم، أو الحرق، أو الربط، أو الحبس، أو التسبُّب بالألم.

٢- العنف النفسي : 

وتتعدَّدُ أنماط الأذى النفسي التي قد يواجهها الطفلُ داخل أسرته؛ كالتهديد، والتخويفِ، والتَّحقيرِ، والنَّبذِ، والإيذاءِ اللفظيّ، والسُّخرية، والإهمال، وتُمثِّل سلوكاتُ التمييز والتفرقة والتفضيل بين الأطفالِ داخل الأسرةِ إحدى صور الإيذاء النفسي، إضافةً إلى الحرمانِ من العطف، أو عدمِ إظهار المحبَّة والحنانِ.

٣-العنف الاجتماعي : 

وهو محاولة فرض حصار اجتماعي على الطفل او الزوجة ، وتضييق الخناق على فرض التواصل والتفاعل مع العالم الاجتماعي الخارجي ومحاولة الحد من الانخراط في المجتمع .

٤-عنف الإهمال : 

يتسم الإهمال الجسدي والإنفعالي بالفشل في تحقيق حاجات الطفل الجسمية والنفسية والتعليمية . 

أسباب ودوافع العنف الأسري:

يمكن تقسيم الدوافع التي يندفع الفرد بمقتضاها نحو العنف الأسري إلى ثلاثة أقسام هي:

1_الدوافع الذاتية :

وهي تلك الدوافع التي تنبع من ذات الإنسان ونفسه والتي تقوده نحو العنف الأسري وهذا النوع من الدوافع يمكن أن يقسم إلى قسمين:
أ ـ الدوافع الذاتية التي تكونت في نفس الإنسان نتيجة ظروف خارجية من قبل الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذي تعرض له الإنسان منذ طفولته إلى غيرها من الظروف التي ترافق الإنسان والتي أكدت إلى تراكم نوازع نفسية مختلف، وتمخضت بعقد نفسية قادت في النهاية إلى التعويض عن الظروف السابقة الذكر باللجوء إلى العنف داخل الأسرة.

ب ـ الدوافع التي يحملها الإنسان منذ تكوينه والتي نشأت نتيجة سلوكيات مخالفة للشرع كان الآباء قد اقترفوها مما انعكس أثر تكوينها على الطفل. ويمكن إدراج العامل الوراثي ضمن هذه الدوافع.

2_الدوافع الاقتصادية :

هذه الدوافع تشترك معها ضروب العنف الأخرى مع العنف الأسري إلا أن الاختلاف بينهما يكون في الأهداف التي ترمي من وراء العنف بدافع اقتصادي ففي محيط الأسرة لا يروم الأب للحصول على منافع اقتصادية من وراء استخدامه العنف إزاء أسرته، وإنما يكون ذلك تعريفاً لشحنة الخيبة والفقر الذي تنعكس آثاره بعنف من قبل الأب نحو الأسرة أما في غير العنف الأسري فإن الهدف من وراء استخدام العنف إنما هو الحصول على النفع المادي.

3_الدوافع الاجتماعية:

يتمثل هذا النوع من الدوافع في العادات والتقاليد التي اعتادها هذا المجتمع والتي تتطلب من الرجل – حسب مقتضيات هذه التقاليد قدراً من الرجولة بحيث لا يتوسل في قيادة أسرته بغير العنف والقوة .

ضحايا العنف الأسري :-

عند الحديث عن العنف الأسري يجدر بنا الإشارة للفئات المتضررة من العنف أو التي تسمى بضحايا العنف، وهم بطبيعة الحال الفئة الضعيفة بين أفراد الأسرة وغالباً ما تحتاج لرعاية خاصة، وفيما يلي أبرز الفئات التي تتعرض للعنف الأسري :

الأطفال:-

هم أبرز الفئات تعرضاً للعنف، كما أنهم من أكثر الفئات حاجة للرعاية والاعتناء

النساء :-

نظراً لطبيعة المرأة الضعيفة ولرغبتها المستمرة بالتضحية حفاظا على كيان أسرتها، وأسس بيتها نجدها تقبل بالتنازل عن كثير من حقوقها وترضى أن تكون ضحية للعنف الأسري حفاظا على الأبناء بالذات.

المعاقين:-

إن القدرات الكامنة والطاقات المتوهجة في هذه الفئة تتعطل كثيراَ بسبب ظلمهم وتهميشهم وعدم المبالاة بهم وتحقيرهم، وعزلهم عن المجتمع الخارجي لخجل أسرهم منهم، وهم يعانون بذلك نتيجة العنف المعنوي المُمارس ضدهم، وهذه الفئة قد تعاني نوعين من العنف، العنف الأسري بين أفراد اسرهم، والعنف المؤسسي بين طاقم المؤسسة التي من المفترض أن ترعاهم بعناية خاصة لأنهم فئة خاصة

المسنين:-

هم الأكبر سناً بين أفراد الأسرة وممن يحتاجون للرعاية والاهتمام لضعفهم الجسدي والذهني، ولعلهم الأجدر بذلك الاهتمام لأنهم أدوا ما عليهم من واجبات تجاه أفراد أسرهم ويرون أنهم من حقهم المطالبة بالعناية والاهتمام كرد الجميل، ولكن الحاصل أنهم يعانون من عدم الاهتمام من المجتمع المحيط بهم ومن أسرهم بالذات، كما إنهم يعانون من التهميش، وهذه الفئة أيضاً تقع تحت طائلة نوعين من العنف، العنف الأسري، والعنف المؤسسي ” من القائمين على رعاية المسنين وغيرهم”.

آثار العنف الأسري :

١-معاناة الأطفال من ازمات تظهر بشكل سلوكيات غير سوية كالإنطواء وعدم الثقة بالنفس .
٢-تدني المهارات النفسية وحدوث اضطراب في المستوى التعليمي للطفل .
٣-يؤثر على بعض القدرات العقلية و ظهور بعض المشكلات اللغوية وعدم الطلاقة في الكلام .
٤-قد تظهر اثار العنف في سلوكاته مع العابه ومع الآخرين حيث يستخدم العنف للتعبير عن معاناته
الداخلية . 

وسائل الحد من العنف :  

١-وضع برامج تثقيفية للأفراد المقبلين على الزواج حول مهارات حل المشكلات الأسرية عبر الحوار
والأساليب السليمة في تربية الأبناء ، وتكون إلزامية .
٢-تطبيق تعاليم الإسلام السمحة في الحياة الأسرية .
٣-الحد من إستخدام بعض الأساليب الخاطئة في التربية ، والوصول إلى طرق أخرى للعقاب بدل من
الضرب .
٤-ضرورة توضيح مقصد الشرع في الآيات والأحاديث التي ورد فيها الضرب وتوضيح كيفيته حتى لا
تستغل بإسم الإسلام .
٥-العمل على إشباع حاجات الأسرة النفسية والاجتماعية وايضا المادية ، وتحاشي الأسباب الموصلة
للعنف .
٦-المساواة في التعامل مع الأبناء وعدم الإعتماد على المربيات فقط في تربيتهم لما يترتب عليه من آثار
سيئة ونقل ثقافات مختلفة عن مجتمعنا .
٧-الابتعاد عن مشاهدة مناظر العنف على القنوات الفضائية والانترنت .
٨-تثقيف الأطفال بما قد يتعرضون له وكيفية حمايتهم لأنفسهم وتشجيعهم على التحدث عما يحدث لهم .
٩-الإستفادة من وسائل الإعلام بطرقه المتعددة لتكثيف التوعية بالآثار السلبية للعنف الأسري ، و إقامة
الندوات والمحاضرات .
١٠-تشديد العقوبات المترتبة على القائمين بالعنف . 

من الحلول والتوصيات للحد من ظاهرة العنف الأسري : 

1-دعوة الأسرة بجميع أفرادها للتراحم بينهم ، وحثهم على تقوية اواصر الروابط بينهم .
٢-بناء دور الرعاية والإصلاح لمن عانوا من العنف الإسري ، ومحاولة تعويض عما لاقوه وافتفقدوه
في بيئة أسرهم وإصلاحهم ليصبحوا مواطنين صالحين .
٣-علاج الأسرة المصابين وعرضهم على مختصين .
٤- إعطاء الدروس والندوات وإقامة المؤتمرات للتأكيد والتذكير بقيم الإسلام وأخلاقه ، والأساليب التي
شجع عليها في معاملة الغير .

زر الذهاب إلى الأعلى