حيوانات الجبال Mountain animals جعلت علماء الطبيعيات يعلقون اليوم آمالا واسعة على جبال الألب فيما يتصل بحماية الطبيعة والحيوان والنبات وبالفعل فإن هذه الجبال غنية بثرواتها الحيوانية والنباتية , وهي تغطي مساحة شاسعة يبلغ طولها 1200 كلم وعرضها 200 كلم وتعتبر من أكثر المناطق المعمورة في العالم كما يشهد تاريخها الطويل بمواجهة الانسان للطبيعة وإستمرار صراع الحيوان من أجل البقاء .
بالفعل فإن الإنسان يكتشف بإعجاب ذلك العدد الهائل من حيوانات ثديية وطيور و أسماك وحشرات تعيش جميعها في الألب متكيفية من ظروف حياة تبدو غير ملائمة وما من شك في أن هذا التكيف قد تطلب ردحا طويلا من الزمن و إنسجامها تدريجيا لمختلف العناصر الطبيعية .
منذ زمن غير بعيد فكر البعض في جلب الدببة الى سويسرة والفريركور بإعتبارها لا تشكل خطرا حقيقيا بالنسبة للإنسان اللهمإلا إذا حاول البعض إثارثها وللعثور على الدب في الوقت الحالي ينبغي التوجه الى الألب في منطقة جوليان ويؤكد البعض أن أعدادا قليلة من الدببة لا تزال تعيش في مرتفعات بيرينتا أما في سويسرا والسافوا فقد إختفت هذه الحيوانات منذ أمد بعيد وإن رزعم بعض القناصين أنهم شاهدوا أحد الدببة في ضواحي سان مارتان , والذئاب بدورها من جبال الألب الغربية بعد أن أرعبت سكان تلك المنطقة زمنا طويلا .
وبالمقابل ما يزال الثعلب يجوب بحرية مرتفعات الجبال حيث لم تتم البرهنة بما فيه الكفاية على خطورته كحيوان مفترس ذلك أنه يتغذى خصوصا بالثمار والحشرات ولحم الجيف , ويعتبر الوشق من الحيوانات التي كان بوفون يعتقد أنها اختفت من الألب بصفة نهائية لكن مطاردته تواصلت في منطقة موريان حتى نهاية القرن التاسع عشر وهو من ألد أعداء الثعلب وهو يهاجم الثدييات الصغيرة والعواشب الكبيرة مثل الأيائل واليحامير وحتى الخنازير عندما يبرح به الجوع وهو لا يتردد في مهاجمة القط البري الذيشوهدت أفراد منه على إرتفاع 1400م لكنها تبدو شبيهة بالقطط الأليفة وتتميز القطط البرية بميلها الى العزلة وهي تفترس الفئران والأرانب والطيور وحتى بعض البقريات الصغيرة والأسماك .
وتكثر الخفافيش في الجبال حوالي 30 نوع وهي معروفة جيدا منذ أن تطور فن استكشاف المغاور وبالنسبة للسناجب فإنه متوجس دائما من الأخطار المحدقة به نظرا لكثرة أعدائه ومن ضمن هؤلاء الأعداء نجد السمور المتسلق الجسور والنمس الأقل سرعة منه و إن لم يكن أقل خطورة والقاقم الذي يندس وسط الأنهقاض باحثا عن الأرانب ومن أعداء السناجب كذلك ابن عرس الذي يتربص بالضفادع أيضا .
نشاط ليلي
تبحث الحيوانات الليلية دوما عن قوتها المتمثل في الحبوب والثمار والحشرات والراعم والفراخ ومن بين هذه الحيوانات يوجد الفرنب والقرقدن الرمادي وفأرة الحقل و فأرة الثلج , وبجانب البقريات والضأنيات التي تربى عادة في الألب ينبغي ذكر الأيل واليحمور الموجودين بكثرة بسبب غياب الذئاب وكذا الماعز والتيس وظبي الجبل الفزع والعنز البري القوي .
وقد أجاد ليني سنة 1758 وصف ظبي الجبل وهو حافزي نموذجي لا ينبغي الخلط بينه و بين العنز البري حتى و إن كانا يعيشان سويا في الوسط الجبلي لأن سلوكهما متباين فالعنز البري لا يحتمل الثلج لأن قوائمه تسوخ فيه بيد أنه يقفز بيسر من صخرة الى أخرى فيما ظبي الجبل أكثر مرونة وحوافره مزودة بأغشية تقوم مقام خفاف ثلجية وهو يتحمل قساوة البرد ويستطيع العيش بفضل خاصياته المذكورة في قمة المرتفعات والعنز الربي أقل جفولا من ظبي الجبل لذلك كان ضحية للقناصين منذ عهد فرانسوا الأول حتى أوشك على الانقراض وهو اليوم محمي من طرف مجموعة دول أروبية لاسيما سويسرة منذ سنة 1911 وتم إحصاء أكثر من 500 رأس سنة 1969 والأيل بدوره محمي وممنوع صيده طبقا للقانون منذ بداية الفرن الحالي بدليل أن تكاثره المضطرد بدأ يشغال بال مسؤولي الحدائق الوطنية بسبب الكميات الكبيرة من العلف الذي تستهلكه الأيائل .
وتعيش الأيائل ضمن قطعان صغيرة حيث يتميز الشادين بفروته الصهباء المبقعة باللون الأبيض حتى نهاية الصيف وفي وقت السفاد يتعارك الذكور بشراسة وقبل البدء في العراك تصدر هذه الذكور نزيبا شبيها بخوار الثور والملاحظ أن الأيائل البرية نادرا ما تتصارع فيما بينها بينما تفعل ذلك بكثرة في الحدائق نظرا لكثرة عددها .
تعيش الطيور الأكثر جمالا وتنوعا في كل مكان من المناطق المنخفضة حتى أقصى حدود الغابة ومأواها مختلف لكن قوتها متماثل حبوب , براعم , حشرات وسواء في الليل أو في النهار تتردد أصداء أصواتها في جنبات الغابة معلنة حضورها الخفي من الصوت الزنان للنقار الأسود الى نعيق البومة وأنواع هذه الطيور تكاد تستعصي على الحصر فمنها الشحرور والسمنة والصعود والقرقبومنها الحجلة والغراب والسنور والعندليب .
تكثر الأسماك بدورها في جبال الألب وهي خمسة أنواع متميزة التروتة و الشفش و القد والبيوضة والفيرون لكن الأنهار تحتوي كذلك على أنواع أخرى مثل الزنجور والحنكليس كما يعثر على الإربيان مختبئا في ثقوب وعلى الضفدعة والعلجوم والسمندل وعلى زواحف جاثمة على حافة الأنهار .
إن جبال الألب حافلة بالمفاجآت سواؤء بالنسبة الى عشاق الطبيعية أو بالنسبة الى علماء البيولوجيا فهي تعج بأجناس شديدة التنوع من الحيوانات المثيرة للإعجاب كما أنها تمكن الانسان من معرفة الشيء الكثير عن بيئته ولذا فهو مطالب بحمايتها .