كبائر الذنوب

الكبائر هي الذنوب العظيمة و المعاصي الكبيرة ، فالمعاصي تنقسم الى كبائر و صغائر و ذلك بنص الكتاب و السنة ، يقول الله تعالى في كتابه الكريم (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) .

فالله سبحانه و تعالى وعد عباده المؤمنين بغفران الذنوب و الصغائر حال تجنب الوقوع في الكبائر .

 

كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها
كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها

ما هي كبائر الذنوب ؟

اختلف العلماء في بيان  الكبائر ، و ما هي ؟ و ما حدها ؟

قال الحافظ :

” قِيلَ : الكبيرة مَا يَلْحَقُ الْوَعِيدُ بِصَاحِبِهِ بِنَصِّ كِتَاب أَوْ سُنَّة  .

وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : لَمْ أَقِف عَلَى ضَابِط الْكَبِيرَة يَعْنِي يَسْلَم مِنْ الِاعْتِرَاض , قَالَ : وَالْأَوْلَى ضَبْطُهَا بِمَا يُشْعِرُ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا إِشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا , قَالَ وَضَبَطَهَا بَعْضهمْ بِكُلِّ ذَنْب قُرِنَ بِهِ وَعِيد أَوْ لَعْن .

وَقَالَ اِبْن الصَّلَاح : لَهَا أَمَارَات مِنْهَا إِيجَاب الْحَدّ , وَمِنْهَا الْإِيعَاد عَلَيْهَا بِالْعَذَابِ بِالنَّارِ وَنَحْوهَا فِي الْكِتَاب أَوْ السُّنَّة , وَمِنْهَا وَصْف صَاحِبهَا بِالْفِسْقِ , وَمِنْهَا اللَّعْن .

وَقَالَ الْحَلِيمِيّ فِي ” الْمِنْهَاج ” مَا مِنْ ذَنْب إِلَّا وَفِيهِ صَغِيرَة وَكَبِيرَة , وَقَدْ تَنْقَلِب الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً بِقَرِينَةٍ تُضَمّ إِلَيْهَا , وَتَنْقَلِب الْكَبِيرَةُ فَاحِشَةً كَذَلِكَ , كَقَتْلِ النَّفْس بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ كَبِيرَة , فَإِنْ قَتَلَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ بِالْحَرَمِ أَوْ بِالشَّهْرِ الْحَرَام فَهُوَ فَاحِشَة . وَالزِّنَا كَبِيرَةٌ , فَإِنْ كَانَ بِحَلِيلَةِ الْجَار أَوْ بِذَاتِ رَحِم أَوْ فِي شَهْر رَمَضَان أَوْ فِي الْحَرَم فَهُوَ فَاحِشَة .

وَسَرِقَة مَا دُون النِّصَاب صَغِيرَة , فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوق مِنْهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَفْضَى بِهِ عَدَمُهُ إِلَى الضَّعْف فَهُوَ كَبِيرَة   .

أمثل الأقوال في تعريف كبائر الذنوب

وأمثل الأقوال في تعريف الكبيرة أنه كل ذنب كلن له حد في الدنيا أو كانت له كفارة ، و كل ذنب توعد الله فاعله في الآخرة بعذاب أو غضب أو تهديد أو لعن او كل عمل وصف الله صاحبه بالكفر أو الفسوق او النفاق أو انه من الضالين أو المعتدين .

وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ . هَلْ لَهَا حَدٌّ تُعْرَفُ بِهِ ؟

فأجاب :

” أَمْثَلُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلُ الْمَأْثُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ : أَنَّ الصَّغِيرَةَ مَا دُونُ الْحَدَّيْنِ : حَدُّ الدُّنْيَا وَحَدُّ الْآخِرَةِ . وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : مَا لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : كُلُّ ذَنْبٍ خُتِمَ بِلَعْنَةِ أَوْ غَضَبٍ أَوْ نَارٍ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ . وَمَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ فِي الدُّنْيَا وَلَا وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ أَيْ ” وَعِيدٌ خَاصٌّ ” كَالْوَعِيدِ بِالنَّارِ وَالْغَضَبِ وَاللَّعْنَةِ .

وَكَذَلِكَ كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَقِيلَ فِيهِ : مَنْ فَعَلَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَأَنَّ صَاحِبَهُ آثِمٌ . فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ ” .

كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها .
كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها .

أمثلة من كبائر الذنوب

و الكبائر الواردة في الكتاب و السنة كثيرة ، لكن نتكلم عن بعض منها ، فإحصاء الكبائر يحتاج الى كتب و ليس سطور قليلة .

الشرك بالله

و هو من أكبر الكبائر ، و من مات على ذلك الشرك لا يغفر الله له في الآخرة ، و هو من الهالكين قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء من الآية:48) .

و من الشرك الأصغر الرياء و العمل من أجل الناس و السمعة ، فهي من كبائر الذنوب و المعاصي  .

و من الشرك الأصغر تعليق التمائم و الخرز خوفاص من الحسد  ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن الرقى، والتمائم، والتِّوَلة شرك  .

السحر

يعد السحر من الموبقات السبع ، و من الكبائر أيضاً اتيان الكهان و السحرة و تصديقهم بما يقولون ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة  ) ، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس منا من تطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومن عقد عقدة ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم

قتل النفس التي حرم الله

من كبائر الذنوب قتل النفس المسلمة أو المعصومة ولو كان من اهل الذمة ، ما دام في عهد و أمان .

ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها

من كبائر الذنوب التي استهان بها كثير من الناس تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر ، فهي ذنب عظيم يستوجب غضب الله و لعنته على فاعله .

الغيبة

أصبحت الغيبة من الامور المعتادة التي لا يتوقف الناس عندها  ، و الغيبة كما عرفها رسول الله صلى الله عليه و سلم هي ذكرك اخاك بما يكره ، وأصبحت الغيبة كما يقول العلماء هي فاكهة المجالس ، لا يحلو مجلس بغير ذكر الناس و الحط من أقدارهم و الخوض في اعراضهم  و هي من كبائر الذنوب .

النميمة

النميمة هي نقل الكلام بين الناس على سبيل الوقيعة بينهم ، وهي من كبائر الذنوب و المعاصي .

فهذه بعض الامثلة على الكبائر و هي كثيرة لمن أراد ان يستزيد .

الاصرار على الصغائر

قالَ الْقَرَافِيُّ : الصَّغِيرَةُ لَا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ وَلَا تُوجِبُ فُسُوقًا , إلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهَا فَتَكُونُ كَبِيرَةً . . . فَإِنَّهُ لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ , وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ كَمَا قَالَ السَّلَفُ . . . وَيَعْنُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةَ بِشُرُوطِهَا , لَا طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَزْمِ  .

وقال ابن القيم رحمه الله :

” الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربى عليها ” انتهى . “إغاثة اللهفان” .

فالصرار على الصغائر مهلكة للمسلو و سبب لجلب غضب الله تعالى عليه ، فلا ينبغي للمسلم ان يستهين بصغائر الذنوب و يقول انها صغائر تكفرها الاعمال الصالحة ، نعم تكفرها اذا لم يكن المسلم مصراً عليها ، مستهيناً بها ، فالذنوب كلها في جنب الله عظيمة .

كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها .
كبائر الذنوب و كيفية التوبة منها .

كيفية التوبة من كبائر الذنوب

الصلوات و الجمع و رمضان الى رمضان و غيرها من المكفرات  هي مكفرات للصغائر ، أما كبائر الذنوب فانها تحتاج الى توبة خاصة ، و الاقلاع عن الذنب ، و الندم عليه ، و رد الحقوق الى أصحابها ، و التوبة و الستغفار و الانابة الى الله ، فالله سبحانه و تعالى يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم .

شاركها.