تعرف على اليمين الذي لا كفارة له

اليمين هو الحلف بالله ، و الحلف لا يكون إلا بالله تعالى أو اسم من اسمائه أو صفة من صفاته سبحانه و تعالى، و قد تساهل الناس في الأزمنة المتأخرة في كثرة الحلف بالله ، و أصبح الحلف جارياً على ألسنتهم كما يجري الماء ، فحري بالمسلم ان يتعلم احكام اليمين و أنواعه ، و ما كفارة كل نوع منه .

أنواع اليمين

قسم العلماء اليمين الى ثلاثة أقسام و هي

القسم الأول : اليمين اللغو

و هي اليمين التي لا يقصد صاحبها الحلف ، انما تجري على لسانه مجرى العادة ، او هي اليمين التي يحلف عليها الإنسان و هو يظن أنه صادق ثم يتضح انه كاذب لكنه لم يقصد ، مثل ان يقول و الله ما كلمت فلاناً بالأمس ، و يكون كلمه لكنه نسي ، أو يقول و الله لم أري فلاناً اليوم ، و هو قد رآه لكنه نسي ، فهذا من اليمين اللغو ، ﻓﻌﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺭﺿﻲﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻗﺎﻟﺖ: ﺃﻧﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻳﺔ: )ﻻﻳﺆﺍﺧﺬﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻠﻐﻮ ﻓﻲ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ) ، ﻓﻲ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﻻ ﻭﺍﻟﻠﻪ. ﻭﺑﻠﻰ ﻭﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﻛﻼ ﻭﺍﻟﻠﻪ. ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻣﺴﻠﻢ  ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ.  ،ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ، ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﺍﻻﺣﻨﺎﻑ،
ﻭﺍﻟﻠﻴﺚ، ﻭﺍﻻﻭﺯﺍﻋﻲ: ﻟﻐﻮ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺃﻥ  ، ﻳﺤﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻳﻈﻦ ﺻﺪﻗﻪ، ﻓﻴﻈﻬﺮ خلافه .

هل يمين اللغو تنعقد و يحاسب عليها المسلم

اتفق اهل العلم على ان اليمين اللغو لا يأثم صاحبها ، و لا تلزمه كفارة بسببها ، فهي من لغو الكلام الذي لا يحاسب الله عبده عليه  .

القسم الثاني : اليمين المنعقدة

و تسمى أيضاً باليمين المعقودة ، و فيها يحلف المسلم على فعل امر في المستقبل ، أو ترك أمر و يعزم على ذلك و يعقد نيته عليه .

يقول الله تعالي في كتابه الكريم (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ ) .

 

حكم اليمين المنعقدة

اتفق العلماء على ان اليمين المنعقدة تلزم صاحبها ، فإن أراد خلاف ما حلف فعليه بكفارة الحانث ، و هي الكفارة التي ذكرها الله في كتابه الكريم .

يقول الله تعالى في كتابه الكريم (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

كفارة اليمين المنعقدة

بين الله في الآية السابقة كفارة اليمين المنعقدة ، و هي ثلاثة أمور على التخيير ، أي يختار واحدة منها حسب رغبته ، و هذه الامور الثلاثة هي :

1 – إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، فيعطي كل مسكين ما يعادل نصف صاع من الأرز مثلاً حسب الطعام المنتشر في بلده ، و النصف صاع حوالي كيلو ونصف ، و نبغي ان يكون مع الارز ادام ( طبيخ ) و لحم ، و يجزئ عنه لو جمع عشرة مساكين و عشاهم او غداهم مرة و احدة .

2 – كسوة عشرة مساكين ، فيكسو كل مسكين كسوة يصلح أن يصلي فيها .

3 – عتق رقبة ، و هي عتق العبيد و تحريرهم ، و هذا الامر لم يعد موجوداً الأن .

و يختار من الثلاثة أمور السابقة ما يوافقه ، فمن لم يجد فعليه ان يصوم ثلاثة أيام كفارة يمينه .

هل يجوز الصيام ابتداءاً مع القدرة على الاطعام و الكسوة ؟

قال العلماء أنه لا يجوز له ان يصوم مادام قادراً على الإطعام أو الكسوة ، لكن في أزماننا الآنية نجد الكثير اذا حلف وأراد أن يكفر عن يمينه صام ثلاثة أيام ، مع قدرته على الإطعام و الكسوة ، و هذا لا يجوز .

هل يجوز اخراج كفارة اليمين نقداً ؟

اتفق جمهور العلماء على انه لا يجوز اخراج كفارة اليمين نقداً .

قال ابن قدامة رحمه الله : ” لا يُجْزِئُ في الكفارة إِخراج قيمة الطعام ولا الكسوة ، لأن الله ذكر الطعام فلا يحصل التكفير بغيره ، ولأن الله خَيَّرَ بين الثلاثة أشياء ولو جاز دفع القيمة لم يكن التَخْيِيرُ منحصراً في هذه الثلاث … ” اهـ . المغني لابن قدامة .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( على أن تكون الكفارة طعاما لا نقودا، لأن ذلك هو الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة، والواجب في ذلك نصف صاع من قوت البلد ، من تمر أو بر أو غيرهما ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا ، وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك ، وهي قميص أو إزار ورداء ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

فإن لم يجد الإنسان لا رقبة ولا كسوة ولا طعاماً فإنه يصوم ثلاثة أيام ، وتكون متتابعة لا يفطر بينهما . . فتاوى منار الإسلام .

القسم الثالث : اليمين الغموس

و هي اليمين التي عنيناها ، و هي اليمين التي لا كفارة لها ، لكبيرتها و عظم اثمها .

و اليمين الغموس هي اليمين الكاذبة الفاجرة ، التي يقتطع بها الحالف مال غيره ، فيحلف بالله كاذباً متعمداً ، و هو يعلم كذبه ، و سميت اليمين بالغموس لانها تغمس صاحبها في النار .

ما كفارة اليمين الغموس ؟

جمهور العلماء أن اليمين الغموس لا كفارة لها ، بسبب عظمها و كبيرتها ، فلا توافيها كفارة ،

وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة”
” اليمين الغموس من كبائر الذنوب ، ولا تجدي فيها الكفارة لعظيم إثمها ، ولا تجب فيها الكفارة على الصحيح من قولي العلماء ، وإنما تجب فيها التوبة والاستغفار ” انتهى .

فهي كبيرة من الكبائر ، و كفارتها التوبة و الاستغفار المخصوص لها ، و رد الحقوق الى أصحابها ان كان صاحبها قد اكل مال غيره بها ، فاسم الله عظيم و الحلف به سبحانه و تعالي لأجل دنيا أو مال كذباً هو كبيرة من أكبر الكبائر .

فعلى المسلم أن يتقي الله ربه و لا يبيع دينه بعرض من الدنيا يسير .