الزواج لم يختلف في النواحي الأساسية على مر العصور ، فعادات الزواج كانت شيء ثابت تقريبا منذ القدم، لذا نجد أن عادات مثل المهر والمؤخر وقائمة المنقولات ليست حديثة عهد، وإنما كانت موجودة منذ آلاف  السنين في مصر القديمة، أما من حيث طقوس الزواج بين الحضارات فحتى وإن اختلفت في نواحي عادية أو جوهرية بين كل حضارة وأخرى، إلا أنه كان لابد من أن يكون هناك طقوس معينة تحدث قبل وأثناء الزواج وهذا ما ميز الزواج عند كل حضارة من الحضارات، وهذه الطقوس منها ما هو يتميز بغرابة شديدة، ومنها ما هو مألوف لنا لأننا ما زلنا نقوم به كطقس من طقوس الزواج حتى الآن، ومن أهم هذه الطقوس المهر والمؤخر وقائمة المنقولات .

المهر والمؤخر عادات مصرية قديمة منذ آلاف السنين

المهر عادة مصرية قديمة

عادة المهر هي عادة معروفة عند العرب لاسيما المسلمين لأنها مسألة شرعية متعلمة بالدين الإسلامي، وقد كانت نفس هذه العادة موجودة لدى الفراعنة، حيث أن الزواج في مصر القديمة كان يقر بالمهر للزوجة، وكان يطلق عليه قيمة شبن سحمة أو هبة البكر، وكان هذا المهر مكاييل من الفضة تتحدد حسب إمكانات العريس المادية ووضعه الاجتماعي، وكذلك بما يتناسب مع وضع ومكانة العروس المادية والاجتماعية، كما كان العريس يتعهد بأنه قادرا على إعالة العروس ماديا، وأنها لها الحق أن ترثه وكذلك أبنائهما .

المؤخر عادة مصرية قديمة

المؤخر هو مبلغ من المال يتم كتابته في عقد الزواج يدفعه العريس للعروس في حالة الانفصال تعويضا لها، وهو منتشر عند العرب والمسلمين حسب التعاليم الشرعية الدينية، وكان هذا التقليد يتم في عهد الفراعنة أيضا، حيث أن العريس يكون ملزم بتحديد مبلغ من المال يكتب في عقد الزواج، يكون عليه أن يدفعه للعروس في حالة الطلاق، وقد كان أيضا الحضور من الأقارب والجيران والشهود يشهدوا على هذا لكي تتم أركان عقد الزواج .

لكن مع هذا كله لم يكن الطلاق لدى المصري القديم أمرا مستحبا أبدا، على الرغم من أنه كان جائز، وذلك أن المصريين القدماء كانوا متمسكين بعادة غريبة وهي ضرورة دفن الزوجة بجانب الزوج في نفس المقبرة، لأنهم كانوا مؤمنين بأن الزوجان شريكان في الحياة والموت لا يفرقهما، لذا يجب أن يظلا عاشقين حتى في الحياة الآخرة “، فنحن نعرف أن المصريين القدماء كانوا مؤمنين بفكرة البعث بعد الموت والحياة الأخرى .

قائمة المنقولات عادة مصرية قديمة

فكرة قائمة منقولات العروس هي عادة ما زالت تستخدم عند العرب حتى الآن، حيث تكون عبارة عن قائمة مكتوب فها كل ما أحضرته العروس إلى المنزل، ويقوم العريس بالتوقيع عليها قبل عقد القران، وهذه العادة مأخوذة من الفراعنة، حيث كان الزواج في مصر القديمة يعتمد قائمة منقولات العروس، وكان يطلق عليها ” نكتون أرحمة “، ويتم فيها كتابة جهازها ومتاعهل الذي أحضرته إلى منزل زوجها، والذي يكون لها الحق في استرداده إلى حدث طلاق أو انفصال، أو في حالة ما إذا مات زوجها، وكانت هذه القائمة يتم توقيعها من قبل العريس لكي تضمن العروس حقوقها .

المهر والمؤخر في الإسلام

  • في حديث معقل بن سنان الأشجعي أن رجلًا تزوج امرأة ولم يسم لها مهرًا وتوفي عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لها مهر نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث ” .
  • وإذا تزوج الرجل من امرأة ثم طلقها فإن لهذه المرأة المتعة بأخذ المال أو الكسوة، وهو ما يطلق عليه المؤخر بما يسر الله لهذا الشخص، حيث قال الله سبحانه وتعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ” سورة الأحزاب آية 49 .
  • وقال الله سبحانه وتعالى : ” لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ” سورة البقرة آية 236 .
  • والشاهد من هذا الحديث أن للمرأة الحق في المهر، لكن يجب ألا يعسر الشخص على الزوج في طلب الكثير، وكل يدفع حسب مقدرته لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالتخفيف في الطلب وليس التعسير .

من أول من اخترع خاتم الزفاف

هل فكرت يوما من أين تأتي فكرة خاتم الزواج ؟ إنها تأتي من مصر القديمة، فالفراعنة أول من قاموا بابتكار فكرة حاتم الزواج وكان يسمى عندهم ” حلقة البعث “، وكانت مصنوعة من الذهب، حيث كانت رمزا للحب والعشرة والإخلاص بين الزوجين، وكان المصري القديم يضع حلقة البعث هذه في يده اليمنى قبل عقد القران، ثم ينقلها إلى يده اليسرى بعد إتمام عقد القران، وكان يرى أن هذا من تعاليم الإله .

وهذه العادة مستمرة حتى الآن في العالم كله، حيث أن خاتم الزفاف أمر ضروري عند الزواج، وفي فترة الخطبة بالفعل نضعه في اليد اليمنى، ثم ننقله إلى اليد اليسرى بعد عقد القران، وبالتالي فإن هذا التقليد قد أخذناه من المصريين القدماء وانتشر إلى العالم كله من هناك، لكننا بالطبع أضفنا عليه بعض التعديلات، حيث أنه لا يشترط أن يكون خاتم الزواج من الذهب، بل يمكن أن يكون من الماس أو من الأحجار الكريمة الأخرى، أو حتى من الفضة .

الزواج عن حب في مصر القديمة

على الرغم من أن الزواج كان قائما على أن يكون الزوج عاقل ومقتدر ماليا والزوجة معروفة في قريتها أو قريبة الرجل، إلا أن هذا لا يعني أن الحب كان غير موجود بين الرجل والمرأة، بل كان الحب موجود، وكان الزواج لا يتم إلا بموافقة الطرفين، وكان يحق للمرأة أيضا أن تختار الرجل وتطلبه للزواج أولا، ونحن نعرف هذا من خلال كتاب بتاح حتب الذي كان تحت عنوان ” أقوال بتاح حتب “، وكان هذا الكتاب يضم العديد من النصائح التي ينصح بها الحكيم الزوج، حيث كان يقول له أنه يجب عليه أن يحب زوجته ويطعمها ويشتري لها الثياب الجديدة لكي يدخل على قلبها السعادة، أيضا إذا نظرنا إلى النقوش على جدران المعابد، سنجد إثباتات على الحب بين المصري القديم وزوجته، فنجد الكثير من كلمات الغزل من الزوج للزوجة على جدران هذه المعابد .

ونجد أن المصري القديم كان موهوب أيضا في التعبير عن حبه بأجمل الكلمات، وجدران المعابد ممتلئة بكلمة ” مر إك ” ومعناها ” أحبك “، ونجد أن العديد من البرديات التي تم اكتشافها تحكي قصص العشق وتسرد قصائد العشاق مثل : بردية هاريس، وبردية شيفتر بيتي، وغيرها، ففي بردية شيفتر بيتي وصف الحب حيث تقول البردية : لقد أثار حبيبي قلبي بصوته، وتركني فريسة للقلق والتوتر واللهفة، حبيبي الذي يسكن بالقرب من منزل والدتي لكني لا أعرف كيف أذهب إليه، فهو لا يعلم أني أريد أن آخذه بين أحضاني، إنه يجعل قلبي ينبض بسرعة عندما أفكر في حبي له، قلبي ينتفض من مكانه حتى أني عاجزة عن معرفة كيفية ارتداء ملابسي أو كيف أضع مساحيق التجميل حول عيني، وكيف أضع عطري .

شاركها.