قصيدة احمد شوقي .. قف للمعلم و فه التبجيلا
المعلم له الحق الأول على طالب العلم ، فالمعلم هو من يسهل العلم على الطالب ، و يفتح له آفاق التحصيل و المعرفة ، فحق المعلم في الاحترام و التبجيل حق عظيم لا ينكره الا جاحد ، و الكثير يحفظ بيت الشعر ( قف للمعلم و فه التبجيلا ….. كاد المعلم ان يكون رسولا ) ، لكن القليل هو من يحفظ فضلاً على ان يكون قد قرأ القصيدة بأكملها لامير الشعراء أحمد شوقي ، و هو ما نقدمه اليوم في هذه المقالة .
نبذة عن حياة أحمد شوقي
أحمد شوقي أحد أكبر شعراء العصر الحديث ، و الملقب بأمير الشعراء ، و هو اللقب الذي اتفق شعراء عصره على اعطائه اياه ، عن جدارة و اقتدار.
و لد أحمد شوقي في عام 1868 في القاهرة ، لام تركية و أب شركسي ، و كانت جدته لأمه تعمل في قصر الخديوي اسماعيل وصيفة من وصيفات القصر ، فتكفلت بتربيته و نشأته ، فنشأ احمد شوقي في ربوع القصور ، و تربى في النعيم ، و عندما شب عن سن الطفولة قام الخديوي توفيق بتسفيره الى فرنسا لاكمال تعليمه هناك .
و في فرنسا ارتبط بعلاقة صداقة بمصطفى كامل ، الذي كان يناهض الاحتلال الانجليزي لمصر ، و بعد عودة أحمد شوقي من فرنسا هاجم الاحتلال الانجليزي ، ووقف الى جانب الخديوي عباس حلمي ضد الاحتلال حتى قام الاحتلال بنفيه الى اسبانيا ، و هناك اطلع شوقي على عيون الأدب العربي و الحضارة الاسلامية في الاندلس و تأثر بها .
و بعد عودته من المنفى استمر شوقي في كتابة الشعر و الروايات و المسرحيات الشعرية . ومن مسرحياته الشعرية الشهيرة كليوباترا ، و مجنون ليلى ، و قمبيز .
و في عام 1927 بايع الشعراء شوقي و لقبوه بأمير الشعراء ، و توفي شوقي في عام 1932 بعد عمر طويل في تنظيم الشعر العربي ، و اعادة الشعر الى سابق عهده في الازمنة القديمة .
قصيدة قم للمعلم و فه التبجيلا كاملة
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا********* كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي *********يبنيوينشئُ أنفـساً وعقولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ********* علَّمتَبالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ*********وهديتَهُالنـورَ المبينَ سـبيلا
وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً ********* صديءالحديدِ ، وتارةً مصقولا
أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشد********* وابنَالبتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا
وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّد********* فسقىالحديثَ وناولَ التنزيلا
علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا ********* عن كلّشـمسٍ ما تريد أفولا
واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ ********* في العِلْمِتلتمسانه تطفيـلا
من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ ********* ما بالُ مغربهاعليه أُدِيـلا
يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه ********* بين الشموسِ وبينشرقك حِيلا
ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم ********* واستعذبوا فيهاالعذاب وبيلا
في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً ********* بالفردِ ،مخزوماً بـه ، مغلولا
صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ ********* من ضربةِالشمس الرؤوس ذهولا
سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ********* شفتي مُحِبٍّيشتهي التقبيـلا
عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة********* فأبى وآثَرَ أنيَمُوتَ نبيـلا
إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ********* ووجدتُ شجعانَالعقولِ قليلا
إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً********* لم يُخـلِ من أهلِالحقيقةِ جيلا
ولربّما قتلَ الغـرامُ رجالَـها********* قُتِلَ الغرامُ ، كماستباحَ قتيلا
أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ اقتنى ********* عندَ السَّـوادِضغائناً وذخولا
لو كنتُ أعتقدُ الصليـبَ وخطبَهُ ********* لأقمتُ من صَلْبِالمسيحِ دليلا
أمعلّمي الوادي وساسـة نشئـهِ********* والطابعين شبابَـهالمأمـولا
والحامليـنَ إذا دُعـوا ليعلِّمـوا********* عبءَ الأمانـةِفادحـاً مسؤولا
وَنِيَتْ خُطـَى التعليمِ بعـد محمّدٍ********* ومشى الهوينابعد إسماعيـلا
كانت لنا قَدَمٌ إليـهِ خفيفـةٌ ********* ورَمَتْ بدنلوبٍفكان الفيـلا
حتّى رأينـا مصـر تخطـو إصبعاً ********* في العِلْمِ إنْ مشتالممالكُ ميلا
تلك الكفـورُ وحشـوها أميّةٌ ********* من عهدِ خوفو لم تَرَالقنديـلا
تجدُ الذين بـنى المسلّـةَ جـدُّهم ********* لا يُحسـنونَ لإبرةٍتشكيلا
ويُدَلّـلون َ إذا أُريـدَ قِيادُهـم********* كالبُهْمِ تأنسُ إذترى التدليلا
يتلـو الرجـالُ عليهمُ شهواتـهم********* فالناجحون أَلَذُّهـمترتيـلا
الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ ********* كيفَ الحياةُ على يديّعزريلا
واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ********* دارتْ على فطنِ الشبابِشمـولا
وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم ********* تغزو القنـوط وتغـرسُالتأميلا
عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ ********* كالعيـنِ فَيْضَـاًوالغمامِ مسيلا
تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي********* من أن تُكافـأَبالثنـاءِ جميـلا
ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه********* عند الشدائـدِيُغنيـانِ فتيـلا
ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى********* تجدوهمُ كهفَالحقوقِ كُهـولا
فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً ********* وهوَ الذي يبنيالنفوسَ عُـدولا
ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ********* ويريه رأياً فيالأمـورِ أصيـلا
وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى ********* روحُ العدالةِفي الشبابِ ضـئيلا
وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ ********* جاءتْ علىيدِهِ البصائرُ حُـولا
وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى ********* ومنالغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا
وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ ********* فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا
إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم ********* من بينأعباءِ الرجـالِ ثقيـلا
وجدَ المساعـدَ غيرُكم وحُرِمتـمُ********* في مصرَعونَ الأمهاتِ جليـلا
وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ********* رضـعَالرجالُ جهالةً وخمولا
ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من ********* هـمِّالحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا
فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما ********* وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا
إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ ********* أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا
مصـرٌ إذا ما راجعـتْ أيّامـها ********* لم تلقَ للسبتِ العظيمِ مثيـلا
البرلـمانُ غـداً يـمدّ رواقَـهُ ********* ظلاً على الوادي السعيدِ ظليلا
نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ ********* إلاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا
قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم ********* دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا
حَيّـوا من الشهداءِ كلَّمُغَيّـبٍ ********* وضعوا على أحجـاره إكليـلا
ليكونَ حـظَّ الحيّ منشكرانكم ********* جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا
لا يلمس الدستورُ فيكمروحَـه ********* حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا
ناشدتكم تلك الدمـاءَزكيّـةً ********* لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا
فليسألنَّ عن الأرائـكِسائـلٌ ********* أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا
إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَناقصـاً ********* لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا
فادعوا لها أهلَ الأمانـةِواجعلوا ********* لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا
إنَّ المُقصِّرَ قد يحولولن تـرى ********* لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا
فلرُبَّ قولٍ فيالرجالِ سمعتُـمُ ********* ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا
ولكَمْ نصرتمبالكرامـة والـهوى ********* من كان عندكم هو المخـذولا
كَـرَمٌوصَفْحٌ فيالشبـابِ وطالمـا ********* كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا
قوموا اجمعواشُعَبِ الأُبُوَّةِ وارفعوا ********* صوتَ الشبابِ مُحبَّبَاً مقبولا
أدّواإلى العـرشِ التحيّةَ واجعلـوا ********* للخالقِ التكبيرَ والتهليـلا
ماأبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـي ********* أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّكفيـلا
فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا ********* فاللهُ خيرٌ كافلاًووكيـلا