موضوع تعبير عن حب الوطن

”حب الأوطان من الإيمان“ مقولة شهيرة نسمعها ولا نُلقي لها بالاً، بل يعتقد البعض أنه ليس لها أساس من الصحة، ولكن هذا غير صحيح؛ فالفطرة السليمة التي فطر الله عز وجل الإنسان عليها تؤيد هذه العبارة، أي بمعنى أصح تؤيد حب الوطن الغالي، فالمؤمن الحق هو من يدافع عن وطنه ويفديه بدمه، فأغلي ما يمتلكهُ الفرد هو دينه، وعِرضه، ووطنه، فالوطن هو منبع صباه، كما أن الوطن هو المكان الذي قد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تظل فيه، وهو المكان الذي نلجأ إلية في نهاية المطاف.

معنى الوطن

كلمة وطن هي أكثر من مجرد كلمة لوصف المكان الذي يعيش فيه الأنسان، كلمة وطن تُعبر عن الأم الثانية له، فهو من يحتضن الفرد، ويحافظ عليه، ويمده بشعور الدفء، والأمان، والراحة، والاطمئنان، حيث يرتبط الفرد بوطنه كما يرتبط الطفل بأمه، كما أنه يُشكل هوية الإنسان عندما يؤثر على سلوكه؛ وهذا نتيجة وجود رابطة تجمع بين الفرد ووطنه، وهذه الرابطة تجعل أمر إبتعاده عن وطنه أمراً صعباً ،فيحصي الأيام والليالي حتى يعود إليه، فإننا ننتمي إلى أوطاننا كما ننتمي إلى أمهاتنا، وعلى أرضه نعيش حياتنا ونقابل أشخاصاً يشبهوننا ونحظى بمواقف وذكريات رائعة لا تُنسىَ، وكما قال البابا شنودة “الوطن ليس مكان نعيش فيه بل هو مكان يعيش فينا”.

حب الوطن

حب الوطن
حب الوطن

حب الوطن يُولد مع ولادة الإنسان، فهو فطري ولكن يختلف قدره من فرد لأخر، كما أن حبه ليس حكراً على أحد، فلكل فرد يعيش على أرضه الحق في أن يحبه ويعبر عن هذا الحب بكل حرية، فحب الوطن رمزاً للعزة والفخر والعلو لمن يملكه في قلبه، فلا يحب الخائن وطنه، ولا يحب المُهان وطنه، ولا يحب عديم الأخلاق وطنه، فمن منا لم يأكل من خيرات وطنه، ويشرب من مائه، ويعيش في كنفه وحمايته، وينعم بأمنه ودفئه؟ ألا تكفي هذه الأسباب ليعشق الفرد وطنه ويعمل جاهداً على رفعته وحمايته، كما لا يمكن إنكار أن أسباب جحود البعض قد تعود إلى معاناتهم داخل أوطانهم، لكن عدم توافر حياة كريمة لهم أو تعرضهم لظلم الحكام أو للإحتلال ربما يسبب هروب البعض أو حزنه ولكن لا يصل إلى درجة الكره، فهل يعقل أن يكره الطفل أمه؟ بل يظل متعلقاً بها حتى وإن أجبرته الظروف على هجرها، فيقول الشاعر:

ذكرتُ بلادي فاستَهَلّت مدامي … بشوقي إلى عهدِ الصَّبا المتقادمِ

حننتُ إلى أرضٍ بها اخضرًّ شاربي … وقطَّع عني قبل عقدِ التمائمِ

ويقول القروي:

وطنٌ ولكن للغريب وأمة … ملهى الطغاة وملعب الأضداد

يا أمةً أعيت لطول جهادها … أسكون موت أم سكون رقاد

فمهما ظُلِمَ الفرد في وطنه أو عبثت به أيدي الطغاة والمُحتلين، لا يستطيع نسيانه أو التخلي عن حلم تحريره والرجوع إليه والعيش في كنفه. ويحن الكرام إلى أوطانهم كما تحن الطيور إلى بيوتها؛ فالوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتُسقى بالعرق والدم؛ فلا يوجد أعذب من أرض الوطن، وحب الوطن ليس مقتصراً على الإنسان وحده؛ فالطيور لا تُهاجر أعشاشها وتتمسك بها لأخر قطرة دم أمام أي إعتداء من أي طائر أخر، والحيوانات لا تقبل بتغيير وطنها بل نجد الكثير منها يموت إذا إنتقل لمكانٍ أخر، وتنتقل الأسماك من محيط إلي محيط وتذهب وتجول، وفي النهاية تعود إلى مسقط رأسها ووطنها الأم.

التعبير عن حب الوطن

التعبير عن حب الوطن
التعبير عن حب الوطن

حب الوطن هو ذلك الحب الذي يسمو بأخلاق الفرد ويُبعده عن الخيانة والغدر والأخلاق السيئة الأخرى، حب الوطن حبٌ زاخر بأبيات الشعر الرائعة والأغنيات الحماسية التي حفظها المواطنون عن ظهر قلب وتَغَنوا بها في المناسبات الوطنية لتحفيز الشعب، فمن أحب شيئاً بشدة تعلق به قلبه، وعقله، ووجدانه، مما يجعل لسانه يُخرج البيت تلو الآخر في سلاسة وحب بدون نفاق، فالأبيات الصادقة تعبر عن كل فرد داخل أراضيه، حتى وإن كان ليس لديه القدرة على التعبير عن هذا الحب، هذا وإن شملت في بعض الأوقات على تعبيرات مبالغة فما تلك المبالغة إلا للحب، والإنسان الذي لم يعد له وطن تصبح الكتابة مكاناً له ليعيش فيه، فقد قال أبن الرومي:

ولي وطن أليتُ ألا أبيعهُ … ولا أرى غيري لهُ الدهر مالكاً

عهِدتُ بِه شرخ الشباب ونعمةً … كنعمةِ قومٍ أصبحوا في ظلالِك

الدين الإسلامي وحب الوطن

معنى الوطن
معنى الوطن

الدين الإسلامي شأنه كشأن الأديان الأخرى، فهو يحث الفرد على حب وطنه والدفاع عنه وتعزيز الإنتماء إليه، وأبرز مثال على هذا هو حزن الرسول صلى الله عليه وسلم عنما هاجر إلى المدينة المنورة وترك مكَّة هرباً من إضطهاد المشركين له، حيث كانت مكة هى موطنه الوحيد الذي وُلدَ وعاش حياته فيه وتزوج على أرضه، فقد قال صلى الله عليه وسلم حين خرج منها:

”ما أطيبكِ من بلد وأحبُّك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنتُ غيرك“ رواه الترمذي.

فها هو رسولنا الكريم يضرب لنا أروع مثل في حب الوطن والولاء إليه، كما أنه عندما أشتد شوقه إلى مكة وهو في طريقه للهجرة أشفق الله تعالى عليه وقال في كتابه الكريم:

(إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرَادُّكَ إلىَ مَعَادٍ) سورة القصص الآية 85.

أي أن الله تعالى يعلم حب رسولة الكريم لوطنه مكَّة وسوف يردّه إليها بعد أن أخرجوه منها لكي لا يحزن لفراقه، فالوطن والفرد كالروح والجسد لا قيمة لأحدهما بدون الآخر، ولقد أوضح القرآن الكريم أيضاً قوة هذه الرابطة من خلال قوله تعالى:

( وَلوْ أَنَّا كَتَبْنا عَليْهِمْ أن اقْتُلُوا أنفُسِكم أو اخْرُجُوا مِن دِيارِكم ما فَعَلوهُ إلًّا قَليلٌ مِنهُم) سورة النساء الآية 66.

والله سبحانه وتعالى يعلم شدة حب المرءُ لوطنه وتعلقه به؛ لذا ‘ستجاب لدعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما دعاه بأن يُحبب إليه المدينة المنورة ليستطيع أن يتحمل فراق مكة. فقال صلى الله عليه وسلم:

”اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد“ رواه البخاري.

”اللهم اجعل بالمدينة ضِعفْيّ ما جعلت بمكة من البركة“ رواه البخاري.

واجبنا نحو الوطن وحقوقه علينا

  • بعد ما يقدمه إلينا الوطن يجب علينا أن نشكره وذلك بتأدية حقه علينا مهما كانت صعوبة الأمر.
  • حيث يجب علينا في البداية تصحيح الأوضاع الخاطئة التي تجعل المرء يتخلى عن وطنه؛ ونزيد من حبه وإنتمائه إليه عن طريق تحقيق العدل والمساواة بين أفرد المجتمع.
  • تعزيز الترابط بين أبناء الوطن الواحد، فيعطي الغني الفقير ويحمي القوي الضعيف.
  • يجب أيضاً العمل على تنمية وتطوير بلادنا، وأن نعمل جاهدين على رفعتها ورقيها، مما سيعود على أبنائها بالنفع في النهاية.
  • محاربة الفساد ومحاولة تطوير مؤسسات البلد.
  • غرس حب الوطن في نفوس الأطفال والأجيال القادمة في المدارس، ودور العبادة، وفي المنزل، فمن شب على شيءٍ شاب عليه.
  • يجب أيضاً توعية البالغين بالخطوات التي يجب إتباعها عند تنفيذ خطط الإصلاح، ووضع عقوبات رادعة لمن يعبث بأمن الوطن واستقراره.
  • كما يجب على المواطنين المحافظة على المال العام وصيانته.
  • وطننا ينتظر منا تضحيات أكثر في سبيل سعادة باقي أفراده، فلا يبخل أحدنا بأي فعل يدفع الوطن إلى الأمام.
  • الوطن نعمة كبيرة يجب أن نصونها ونحافظ عليها ونتبع خطى الرسول الكريم في حبنا له والولاء إليه، فيجب أن يظهر هذا في كل تصرفاتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى