يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)“ سورة الإسراء، فحادثة الإسراء والمعراج وردت في مفتتح سورة الإسراء التي تتوسط القرآن الكريم للدلالة على مدى أهمية هذه الحادثة وعظمتها، وتأثيرها على مسار الدعوة إلى الإسلام، فهي من المعجزات التي أتت تصديقا للرسالة النبوية التي أنزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاءت معجزة الإسراء والمعراج كرسالة ربانية لتخفيف وطأة الحزن التي أحس بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد توالي العديد من الأحداث التي ألمت به من وفاة عمه أبي طالب، ووفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، وازدياد أذى المشركين عليه وعلى صحابته الكرام، وذهابه إلى دعوة أهل الطائف وعودته منها وقد أصابه من الأذى ما أصابه، فكانت معجزة الإسراء والمعراج لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم.

وكانت رحلة الإسراء والمعراج مُوحِية في مضمونها ومُعْجِزَة في طريقتها، حيث أُسْرِي بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى في القدس بدابة تسمى البراق، وصلى في المسجد الأقصى المبارك، ثم عرج به جبريل عليه السلام إلى السماوات العليا، وكان في كل سماء يرى نبياً من أنبياء الله تعالى ويحادثه، فرقى إلى السماء الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، والتقى بآدم ويحيى وعيسى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم عليهم سلام الله جميعاً.

ثم ارتقى سيدنا محمد بعد ذلك إلى سدرة المنتهى التي وصفها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، ثم قُرِّبَ إلى البيت المعمور وخُيِّر بين أوعية ثلاث، من لبنٍ أو عسلٍ أو خمرٍ، فاختار نبي الله وعاء اللبن، فأُجيب من جبريل عليه السلام أن هذه هي فطرتك وفطرة أمتك.

ومما يزيد أهمية معجزة الإسراء والمعراج أنه فرضت الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، وكانت خمسين صلاة، إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يخفف عن أمته بعد أن أخبره سيدنا موسى عليه السلام بأن أمته لن تطيق خمسين صلاة، فخفف الله عن أمة محمد وصارت خمس صلوات في اليوم والليلة.

وهنا علينا أن نتعلم من معجزة الإسراء والمعراج أن الله لا ينسى عباده، وأن الله يخفف عن كل مكروب كربه، ويفرج همه، ومنها نتعلم أيضاً أن نتمسك بالصلاة فهي عماد الدين وثاني أركان الإسلام ولا يقوم الدين إلا بها، وأن نطيع أمر الله وأمر رسوله الكريم الذي يشفع لأمته يوم لا شافع ولا قريب.

شاركها.