تستطيع الدهون إفساد كُل أنواع المواقف في حياتك. فبدايةً من إفساد أزواج “الجينز” لديك، أو أن يعلِق حزام بنطالك، أو حتى أن تجعل خروج خاتم الزواج من يدك مُستحيلًا. في تلك المواقف السخيفة، يقلق الناس بشأن كل طبقات الدهون والإنتفاخات في اجسادهم بغض النظر عن مكانها.

لكن الأطباء ينظرون للأمور بطريقة مختلفة، فعندما يتعلق الأمر بصحتك، هُناك مكان واحد تُشكل الدهون فيه خطورة أكبر. فالدهون حول الخصر هي مؤشر خطر كبير لزيادة إحتمالية الإصابة بأمراض القلب، والنوع الثاني من مرض السكري، وحتى بعض أنواع السرطان. كما يرى دكتور “صامويل كلاين مُدير مركز تغذية الإنسان بمدرسة الطب بجامعة واشنطن.

وعلى الرغم من دراسات أجريت على مدار أعوام طويلة، وكثير من المتطوعين . فالخبراء ليسوا متأكدين تمامًا، من سبب استهداف تلك الأمراض للأشخاص الذين لديهم مقاس خصر أكبر بالذات؟

من المعروف أن الخلايا الدهنية تؤثر بشكل رئيسي في وظائف التمثيل الغذائي، ويعتقد الكثير من الخبراء أن الخلايا الدهنية في  البطن تفرز بشكل أكبر من غيرها كميات كبيرة من الأحماض الدهنية، والتي تُفسد عمليات التمثيل الغذائي للسكر والإنسولين في الدم.

إنهيار التمثيل الغذائي

شيء واحد مؤكد: وهو أن أصحاب البطون الكبيرة والدهون العميقة – في الأحشاء – يميلون لخسارة حساسية الجسم للإنسولين، وهو هرمون محوري يساعد الجسم في حرق الطاقة.
فعندما يفقد الإنسولين قوته، يستجيب لذلك الجسم ويبدأ بضخ كميات أكبر منه، مما يُفسد توازن  عمليات التمثيل الغذائي.

كنتيجة لذلك، فالأشخاص الذين لديهم دهون أكثر في منطقة البطن عُرضة لسيل من المشاكل تعرف باسم ” متلازمة مقاومة الجسم للإنسولين” أو “متلازمة التمثيل الغذائي”.
وهذه المتلازمة والتي تؤثر على 50 مليون مواطن أمريكي تأتي بمجموعة مُخيفة من المضاعفات المحتملة.
فالأشخاص المصابين بها غالبًا ما يصابوا بمرض السكري من النوع الثاني، ويميلون أيضًا للإصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع مفرط في الكوليستيرول الضار، مما يشكل وصفة دقيقة للإصابة بأمراض القلب. طبقًا لعدد كبير من الدراسات.

إذا كان لديك فقط طبقة من الدهون قريبة من  سطح الجلد فلا داعي للقلق. فما يُشكل خطرًا هو تلك الدهون العميقة في الأحشاء والتي تلتف حول الأعضاء الداخلية في البطن وينشط تأثيرها على عمليات التمثيل الغذائي.

انتبه لطول شريط القياس!

ليس من الصعب اكتشاف احتمالية وجود دهون غير صحية في منطقة البطن. كُل ما تحتاجه للتأكد هو شريط قياس فقط. خذ نفسًا، ثم استرخ وابدأ بلف الشريط حول معدتك. حافة الشريط السفلى يجب أن تكون فوق نتوء عظمة الفخذ.اجعل الشريط مستقيمًا ومُحكمًا، لكن لا تجعله يغوص في جلدك. إذا كُنت رجلًا فإن محيط الخصر أكثر من 40 إنشًا تعني وجود خطر للإصابة بأمراض القلب والأمراض الأخرى. أما بالنسبة للنساء فإن محيط الخصر أكبر من 35 إنشًا يعني خطرًا متزايدًا.

طبقًا لتقرير نُشر في مجلة طبية بريطانية، فإن محيط خصرك يُخبر عن صحتك أكثر من كُل قياسات السمنة الأخرى، وتشمل مؤشر كتلة الجسم، ونسبة الخصر إلى الفخذ.

اقرأ: ما هو مؤشر كتلة الجسم (BMI)؟ وكيف تقوم بحسابه لمعرفة هل وزنك مثالي أم زائد أم ناقص؟

معظم الناس يعتقدون أن القياس الذي يُخبر حكايتك هو “مؤشر كتلة الجسم” ورغم أنه بالفعل مُعظم الناس الذين يحصلون على نسبة أكبر من 30 في هذا المؤشر – والذي هو التعريف الأساسي للسمنة – لديهم محيطات خصر كبيرة، إلا أن بعض الأشخاص الذين لديهم أرقام أقل في مؤشر كتلة الجسم قد يعانون أيضا من دهون الخصر واحتمالية الإصابة باأمراض المذكورة سلفًا.

التفاح والكمثرى !

بشكل عام، فإن شكل جسمك هو إنعكاس لجيناتك وأسلوب حياتك. فالناس يكتسبون الدهون في أجسامهم بشكل مختلف. فبعض الناس يميلون لاكتساب الدهون في منطقة الخصر – مثل شكل التفاحة -. بينما يكتسب الآخرون الدهون في المناطق السفلية  -كالكمثرى-.

النساء الأصغر سنًا غالبًا ما يكتسبون الوزن في المناطق السفلى، بينما يميل الرجال لإكتساب الوزن في منطقة البطن. ربما يكون هذا سببًا لأن يُصاب الرجال في الثلاثينيات أو الأربعينيات بأمراض القلب بمعدل أكبر من النساء في نفس السن. بمجرد وصول المرأة ل “سن اليأس” أو انقطاع الطمث يملن لإكتساب الوزن بشكل أكبر في منتصف الجسم. ربما هذا ليس من قبيل الصدفة، فهذا هو الوقت الذي ترتفع فيه معدلات إصابتهن بأمراض القلب، ليلاحقن الرجال.

مهما كان سنك أو جنسك. فحياة التلفاز والأطعمة السريعة سوف تظهر لا محالة على بطنك. دراسة بواسطة باحثين في جامعة “دووك” تقترح أن تجنب التمارين الرياضية هو مسبب رئيس لزيادة الدهون في البطن.
الدراسة المنشورة في جريدة “الفسيولوجيا التطبيقية”، وجدت أن ثمانية شهور فقط من عدم النشاط يزيد من دهون البطن – والمقصود بها دهون الأحشاء المسببة للخطر – بحوالي 9%. وعلى الجانب الآخر، فإن القيام بتمارين رياضية منتظمة لمدة 8 شهور، يُنقص معدلات دهون الأحشاء حوالي 8%.

أسلوب الحياة كثير الجلوس ربما لا يكون السبب الوحيد لإكتساب دهون الخصر. فهناك أدلة متنامية أن الضغط العصبي المستمر يمكن أن يؤدي إلى تشجيع اكتساب تلك الدهون. فعندما نكون تحت الضغط ينتج الجسم هرمونات تحذيرية مثل “الكورتيزول”. وتشجع تلك الهرمونات بناء الدهون في منطقة الخصر. يعتقد بعض الخبراء أن تلك الدهون ربما تكون وسيلة دفاعية للجسم لمواجهة الضغط. إذ ربما تقوم تلك الدهون بتكسير الكورتيزول.

اقرأ: كيف تتخلص من الكرش وتجعل بطنك مسطحة بعيدًا عن الخرافات والأساطير غير المجدية؟

 

لا يوجد حل سريع

دهون البطن هي نداء تحذيري لك. إذا أردت الإستجابة له فيجب أن تخوض طريقًا طويلًا لمنع المشاكل الصحية المرتبطة بدهون البطن. أسلوب الحياة الصحي سوف يقلل الدهون في جسمك من الأعلى إلى الأسفل, والأهم في المنتصف. حينما تخسر وزنًا فسيبدأ جسم في التخلص من دهون البطن أولا. إذا ما قررت خسارة 5-10 % من وزنك، فإن ذلك سوف يقلص المخاطر المذكورة سلفًا بنسبة 30%. وإذا ما كان الضغط أحد تلك العوامل، فإن الإسترخاء سوف يساعد بشكل كبير.

لسوء الحظ، إذا ما كُنت مهمتمًا بالتخلص من تلك الدهون حول الخصر، فلن تجد حلًا سحريًا في مكتب جراح التجميل. ففي دراسة حديثة منشورة في جريدة ” نيو إنجلاند” الطبية, كلاين” وزملاؤه دحضّوا كُل الأماني للحصول على حلول سريعة. فعمليات شفط الدهون في الخصر لم تظهر أي إنقاص لمعدلات الإصابة بأمراض القلب أو السكري في مجموع 30% من سيدات قمن بتلك العمليات. خاصةً لم تظهر أ نتائج لتحسين ضغط الدم المرتفع أو مقاومة الجسم للأنسولين.

إذا ما أردت التخلص من تلك الدهون حدد فورًا موعدًا مع طبيبك. واتبع نصائحه حول البرنامج الغذائي المناسب والطريقة الأمثل لفقدان الوزن، والتمارين المنتظمة – التي هي كفيلة وحدها بإنقاص الوزن طبقا لعدة دراسات-.

شاركها.