كيف أخفي آثار الضرب ؟ (قصة قصيرة)

أمسك الصيدلي بذقني وأدار بها وجهي يمينًا ويسارًا قبل أن يقول آسفًا أنه لا يمكن اخفاء الكدمات من وجهي وأن كل الأدوية لابد أن أنتظر مفعولها بعد يوم أو اثنان .. كنت أتمنى لو يعطيني دواء يخفي تلك الكدمات لأتمكن من العودة لأولادي بدونها .. آه لو أرى ذلك الشاب الذي لكمني .. سأقتله حتمًا رغم كِبر حجمه .. الحُنق بداخلي تجاهه قادر على هدم جبل لو كان هذا سيألمه .

تنهدت وقلت للصديلي أن يضع أي علاج وسمحت له بوضع الشريط اللاصق على خدي وفوق جبيني .. لا أعرف كيف سأبرر لأطفالي آثار الضرب على وجهي .. أم كيف أبرره لأمي القلقة التي لن تصدق حتمًا لو قلت لها أنني وقعت أو ارتطمت بالباب سهوًا إلى آخر تلك الأكاذيب ..  وزوجتي .. آه من لقائها ..

زوجها الهمام المحارب الشجاع أوقفه حيوان بموتسيكل اليوم وأهداه عدة لكمات وهو يعض على شفتيه غيظًا .. كيف ستراني بعدما أخبرها ؟! لن أخبرها طبعًا .. فكيف أفسر لها اللكمات إذًا .. سأقول لها أنني ايضُا ضربته .. هاها ستلوّي شفتيها خِلسة ..
ركبت السيارة .. فطالعني في مرآتها الأمامية وجهي المنتفخ ولزق الجروح اللعين .. كان لابد ان أواظب على الذهاب إلى صالة الحديد .. قال لي الكابتن ذات يوم أن جسدي سيكون رياضيا منتفخ بالعضلات خلال شهرين فقط .. لماذا لم أداومهم .. آه لو فعلت : لكان ذلك الحيوان نادمًا الآن على مجرد تفكيره في سبي .. ولما تجرأ على النزول من درجاته النارية وشتمي وفتح باب سيارتي عنوة ثم ضربي ..

ابن العاهرة لا يفهم ولا يتعامل بالمنطق أبدًا هو المخطئ ويعلم ذلك لماذا ضربني إذا .. والناس مثلي خائفون جبناء .. لم يتقدم أحد ليدافع عني ولم يضربه أحدهم لمّا ضربني أمامهم .. بل أني لم أسمع أحدهم حتى يعتابه

.. أخرجت غيظي في دواسة الوقود أسحقها .. فانساب الطريق حولي .. نظرات الناس حولي تنبهني وبعضها يشتمني .. لكني لا استطيع ابطاءها .. حاولت الرجوع إلى رشدي وأصدرت أمرًا مترددًا إلى قدمي أن ترتفع عن الدواسة لكنها أبت وأبى جزء ما فيا لا أعرفه .. ربما هو الشاب الهادئ المنطوي بداخلي الذي لم يكن يقبل يومًا أن يخرج ليمسح السبورة حتى لا تقطّعه العيون من خلفه .. واليوم ذاق ما تجنبه دومًا على يد ذلك ال .. ذلك ال .. ضغت الدواسة أكثر فاختفى الطريق من جواري .. لا أرى إلا أمامي .. طريق ممتد وسيارت كثيرة أجتزاها بسرعة .. المقطم يقترب وهاويته .. سأموت لو لم ابطئ السرعة الآن .. كيف أعود لأودي بوجه ملطخ بلكمات شاب ضائع شاذ ابن كلب .. لو ابطئت السيارة الآن لوقعت ايضُا من الحافة .. لكني حتمًا سأوقفها واخيرًا استجابت قدمي للأمر وضغت على الفرامل ولما كانت الحافة قريبة جدًا .. فقد أدرت عجلة القيادة فاصدمت رأسي بسقف السيارة معلنة انقلابها .. ولما كان وجهي ملتصق بالزجاج الأمامي والأرض تقترب .. كنت ألعن الشاب . .ألعنه ألف مرة !

زر الذهاب إلى الأعلى