قال الكاتب علي بن محمد الرباعي، عندما قال النبي عليه السلام «جُعلتْ لي الأرض مسجداً وطهورا» أراد بذلك تعزيز ثقافة العمل والإنتاج والانتصار لمراد الله من خلق الإنسان، وحتى عندما ورد أن من أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، لم يرد بذلك تحويل العبادة الفردية إلى طقس. ولا أتصور أن هناك نصاً شرعياً يقضي بتخصيص وقت بين الأذان وإقامة الصلاة، ولا أصلَ لما هو معلّق في جدران المساجد من تحديد أزمنة انتظار تبدأ من 10 دقائق وتمتد إلى 20 دقيقة.

وأضاف في مقال منشور له بصحيفة عكاظ بعنوان “بين الأذان والإقامة” قائلًا، قَل ما يخلو مسجد أو جامع من جدل يثيره تقديم إقامة الصلاة أو تأخيرها، وفي إحدى القرى كان المؤذن مستفزاً للمصلين، يقدم ويؤخر كما يشاء، ولكونه أحمق يتحاشى المصلون مناقشته، دخل أحد المزارعين عليه بعد أن أطلق أغنامه في مرعاها، وفتح مولّد إخراج الماء من البئر ليسقي زرعه، فقال: أقم الصلاة.
وتابع فتجاهله، وكررها المزارع، فنظر إليه بنص عين، وقال بلهجة نحوية «أما تعلم أن المؤمن في المسجد مثل السمكة في الماء، والمنافق في المسجد مثل الطير في قفص». فلم يجد المزارع بداً من التعامل مع الموقف بحكمة. صلى ركعتين، وأردفها بتسبيح وتهليل، ولما شعر أن المؤذن يعاند، نظر إليه وقال بصوت مسموع «أقم الصلاة يا سمكة ما أظن في تطويل قعدتنا صلاح».
وأوضح الكاتب القصة الآنفة تنم عن مفارقات ومغالطات، أولها أن الوظائف الدينية التطوعية تتحول في يد جاهل بمقاصد الشرع إلى سلطة، فيغدو المسجد أو الجامع وكأنه أملاك خاصة.
وأضاف “الرباعي” أذن النبي عليه السلام بتقديم الطعام على الصلاة. وكان إذا سمع بكاء طفل يخفف الأداء. وصاحب الشغل ليس مثل إنسان لديه وقت طويل لا يعلم كيف يقضيه، ويجد متعته في أن يطيل القعدة في المسجد كما يروق له.
وقال لو كنتَ مسلماً مقيماً في الصين مثلاً، وتعمل في مصنع من السابعة صباحاً حتى الخامسة عصراً، لن تطلب إطالة الوقت بين الأذان والإقامة، بل ستصلي بحسب ما يتاح من وقت لأن ثقافة العمل والإنتاج لا تقبل هدر الوقت. ويمكنك أن تصلي في فترة استراحة الغداء.
واختتم الكاتب مقاله قائلًا، ستبقى إشكالية المسلمين قائمة طالما أنهم عاجزون عن التفريق بين إسلام النص النقي، وبين إسلام السياقات التاريخية، وبين عصور التسلط الأيديولوجي.

شاركها.