قصة الخضر عليه السلام , قصة قصيرة

قصة الخضر عليه السلام , قصص القران

قال تعالى:وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)كان لسيدنا موسى عليه السلام هدف من وراء هذه الرحلة وهو أن يبلغ مجمع البحرين ويقابل العبد الصالح ويتعلم منه مالم يعلم .

تعتبر منزلة موسى عليه السلام عظيمة عند الله تعالى فهو كليم الله عز وجل ، وصاحب معجز العصا التي تتحول إلى ثعبان ، وأحد أولى العزم من الرسل ، وصاحب معجزة اليد ، والنبي الذي أنزلت علي التوراة دون وحي بل كلمه الله عز وجل تكليما.

وفي يوم خطب موسى عليه السلام في بني إسرائيل،خطبه دعاهم فيها إلى الله وحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه كان رائعاً مقنعاً ، أبهر به المستمعين من بني إسرائيل ، فقام أحد المستعين وسأل موسى عليه السلام هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟
فأجاب موسى على الفور : لا..
وحينها أرسل الله تعالى جبريل علية السلام معاتباً لموسى ، وسأله ما يدريك أين يضع الله علمه ؟
وحينها أدرك موسى أنه تسرع ، فقال له جبريل عليه السلام هل تعلم إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك  ،يقول تعالى: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)

فقرر موسى عليه السلام أن يستزيد من العلم ، وعقد الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم ، وعندما سأل كيف يستدل عليه طُلب منه أن يحمل سمكة في سله وينطلق في البحر حتى يصل إلى البقعة التي إذا وصلت المياة فيها للسلة ، أرتدت الحياة للسمكة .
وقد رافق موسى عليه السلام في رحلته فتى  ، وعندما وصل الاثنان إلى صخرة بجوار البحر، قرر موسى أن ينام قليلاً ، في حين بقي الفتى ساهرا ، وفي هذه الأثناء أرسل الله تعالى أول علامة لموسى عليه السلام وهي أن الرياح أرسلت الأمواج للشاطئ فوصلت رذاذ المياة للسمكة فدبت بها الحياة وقفزة  (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وهكذا علم  موسى عليه السلام مكان لقائه بالعبد العالم الذي جاء موسى يتعلم منه.
وعندما نهض موسى عليه السلام من نومه قرر متابعة طريقهما ، ولكن الفتى نسي أن يخبر موسى ما حدث مع السمك ، فسار موسى والفتى يوم وليلة ، حتى حل حليهما التعب والجوع وعندها طلب موسى عليه السلام من الفتى أن يحضر الغذاء ، (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) ، وتذكر الفتى ما حصل ، وأخبر موسى ما حصل بالسمكة حين قفزة إلى الماء كأنها طير يتلوى على الرمال.
وعندها فرح موسى وقال (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده.. فقد تم تحديد المكان الذي سنلتقي فيه بالعبد العالم.. وفوراً عاد موسى والفتى أدراجهما إلى المكان الذي أقاما فيه.
وقام موسى عليه السلام بطرح السلام على الرجل ، فكشف الرجل عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
قال موسى: أنا موسى.
قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
قال موسى: وما أدراك بي..؟
قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
قال موسى بكل لطف ووقار وأدب: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).
لم يستسلم موسى وأحتمل كلمات الصد والرفض القاسية ، وعاد وطرح السؤال مرة أخرى على الخضر ، وقال له موسى إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.
وأشترط الخضر على موسى عليهما السلام إنه في حال قبل أن يصاحبه موسى ويتعلم منه ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..
وهنا بدأت المواقف التي أثارة أستنكار وأستياء موسى عليه السلام :
الموقف الأول :
حين كان موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر، مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يوصلوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فوافقوا وأوصلوهما بدون أجر، إكراما للخضر، ولكن عندما رست السفينه وفوجئ موسى حين رفض الخضر مغادرة السفينة مع أصحابها ، وما أن أبتعد أصحابها حتى قام الخضر بأقتلاع لوح من ألواح السفينة وألقاها في البحر ، فما كان من موسى إلا أن أندفع كعادتة ، يحدث معلمة ويستفسر عن هذا الموقف المعيب ، ونسي الشرط الذي اشتركه الخضر عليه فقال له : (قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).
وهنا يذكر الخضر موسى عليه السلام ويقول له ألم أقل لك إنك لن تستطيع الصير معي (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، وعندها يعتذر موسى عليه السلام على النسيان ويرجوه ألا يؤاخذه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

الموقف الثاني :
أكملا موسى والخضر طريقهما فوصلا إلى حديقة يلعب الأطفال فيها، وبعد فترة تعب الأطفال من اللعب وأتخذ كل منهم ناحي واستسلم للنعاس ونام ، لكن الخضر قام وقتل أحد الأطفال ، وهنا ثار موسى وقال للخضر ما هي الجريمة التي أرتكبها هذا الطفل حتى تقتلة ،  وعاد الرجل بتذكير موسى أنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. وعاد موسى يعتذر ويقول بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).

الموقف الثالث : 
أكمل موسى عليه السلام والخضر طريقهما فوصلا إلى قرية ، رفض أهل القرية أستضافتهما و أطعامهما ، وكان قد نفذ ما معهما من طعام ، ولا يعرفان أين سيبيتان ، وأتجها الأثنان إلى الخلاء وكان فيه جدار يتهاوى ، وأذ بالخضر ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار ، ويندهش موسى من تصرف معلمه ، فقال لمعلمه (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) ، وهنا قال الخضر لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) .

وبدء الخضر في تفسير الأحداث التي لم يستطيع موسى الصبر عليها ، وقال لموسى أن علمك يا موسى محدود ،وكشف حقيقه كونيه وهي تناقض ظاهر الأمر وباطنه فكثير من الصائب التي تقع تخفي ورائها رحمة عظيمه من الله سبحانه وتعالى.
وأن أي تصرف صدر من الخضر فعله لتنفيذ إرادة الله سبحانة وتعالى ، حيث كانت التصرفات في ظاهرها قاسية ، لكن في حقيقتها هي رحمة من الله سبحانة وتعالى.

تفسير المواقف الأول :
تعطيل السفينة كان نعمة وليس مصيبة ، فقد كان هناك ملك يأخذ كل سفينة من أصحابها ، لكن هذه السفينة فهي تالفة لذلك لن يأخذها الملك ، ويبقى رزق الأسرة ولا يموتون جوعاً.

تفسير الموقف الثاني :
قتل الغلام هو مصيبة بالنسبة لوالديه ، لكن هذا الغلام كان سيكون عاق لوالديه وسوف يرهقهما طفيانا وكفراً ، فأراد ربك أن يعطيهما غلاماً يرعاهما في شيخوختهما.

تفسير الموقف الثالث :
أما الجدار الذي سهر الليل في أصلاحه ، ولم يطلب أجر على أصلاحة ، كان تحته  كنزا لطفلين  يتيمين ضعيفين في المدينة. حيث أنهم ولو انهدم الجدار  لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يحافظا عليه من السرقة والنهب .. ولأن أبوهما كان رجل صالح فقد حماهما الله  بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

واختفى هذا العبد الصالح بعدما اكد أن هذا أمر الله. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.

في حين تعلم موسى من صحبت هذا العبد الصالح أمرين وهما :

  • تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الله سبحانة وتعالى الذي لا يعلمة أحد
  • وتعلم ألا ينظر للأمور من ظاهرها فربما مصائب البشري تخفي ورائها رحمة الخالق ولطفه .

 

زر الذهاب إلى الأعلى