هل أصبحنا عبيدا لتكنولوجيتنا؟ هل هذا جعلنا أقل سعادة؟ أقل حرية؟ أقل ارتباطاً؟

عام الاجتماع في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا السيد Sherry Turkle يعتقد فعلا ذلك وهو صاحب عدد من الكتب المهمة حول علاقة الانسان بالتكنولوجيا منها كتابه Life on the Screen: Identity in the Age of the Internet وأيضا Reclaiming Conversation: The Power of Talk in a Digital Age.

ورغم أنه ليس ضد التكنولوجيا بشكل عام إلا انه يدرك تماما أن علاقتنا مع التقنيات والأدوات المختلفة علاقة غير متوازنة، نحن أقرب فيها إلى العبيد وأغلبنا ليسوا احرارا في استخدامها والتحكم بوقت الاستخدام والكيفية.

عودة إلى عام 1995 حيث نشر هذا العام كتابا له بعنوان الحياة على الشاشة Life on the Screen حيث كان متفائلا باستخدام الناس للتكنولوجيا وانتشارها، لكن كتاباته منذ 2011 أصبحت أقل تفاؤلا ومتشائما أكثر.

وقد كشف عن سبب ذلك من خلال مقابلة له مع Vox حيث قال أنه مع تطور الجوال وظهور الهواتف الذكية تغيرت علاقة الناس بهذه الأجهزة، أصبحوا دائما على إتصال ودائما متواجدون ويستجيبون للرسائل وعلى إطلاع بالمنشورات على الشبكات الاجتماعية والأخبار، وغالبا ما يحملون هواتفهم وهم يمشون في الشوارع وكذلك أثناء الانتقال عبر مختلف وسائل النقل وفي الاجتماعات ومعظم الوقت أيضا بالمنزل وهم ما يجعلهم منفصلون عن ما حولهم واكثر انسجاما في الواقع الافتراضي ومنعزلون عن المقربين لهم وعائلاتهم، بل إن الكثير من العلاقات أصبحت افتراضية ولم تعد واقعية حقيقية ملموسة.

وفي عالم يقل فيه التواصل المباشر وجها لوجه وينغمس الناس أكثر في الدردشة الكتابية والمرئية والصوتية عن بعد باستخدام الهواتف الذكية، يدرك المزيد من الناس بأن العلاقات الانسانية تبقى أقوى في الواقع ومن خلال التواصل المباشر.

ويرى أيضا Sherry Turkle أن ما يشاركه الناس على فيس بوك والشبكات الاجتماعية ما هو سوى الجانب الذي يريدون مشاركته من حياتهم، لهذا ينشرون العشاء الفاخر، الانجازات، الملابس الجديدة والاجازات ويحاولون تصوير أنفسهم للآخرين بأنهم يعيشون حياة جيدة.

وأكد بأن ما يعيب هذه الوسائل أنها في النهاية غير واقعية حتى أن التعاطف الذي يدور حول الغوص في أحزان الآخرين ليس هناك مساحة كبيرة لذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.

تطبيقات التواصل الاجتماعي مهما كانت متطورة وتقدم أنماطا من التواصل المباشر والمتطور ومدعومة بمزايا التعبير عن المشاعر وردود الفعل فهي في النهاية لا تصل في الجودة والدقة وايصال الشعور إلى الطرف الآخر كما هو الحال على أرض الواقع.

تجد ان شخصا ما نشر للتو منشورا يعبر فيه عن حزنه لحدث معين، ثم بعد دقائق ينشر منشورا آخر أو يضع تعليقا عن مسألة او حدث مفرح له وهو تناقض صارخ غير موجود عادة على أرض الواقع.

لكن أكد في نفس المقابلة أن التكنولوجيا مساعدة للناس على فعل الكثير من الأمور الجيدة، يمكنها ان تعزز من الروابط بين الناس لكن في حالة استخدامها بشكل سيء أو فقدان السيطرة عليها تعزز من العزلة وتحولنا إلى عبيد لها.

وعن تمييزه بين القيم التكنولوجية والقيم الإنسانية قال: “قيمنا التكنولوجية هي القيم التي تجعل التكنولوجيا تعمل بشكل أفضل، ولكنها لا تتضمن بالضرورة أي قيمة اجتماعية”.

وأضاف: ” لا تساعدنا تقنياتنا بالضرورة في عيش حياة جيدة وذات مغزى. فهي لا تجعلنا بالضرورة مواطنين أو أصدقاء أو زملاء أفضل”

وقال: لقد حان الوقت لإجراء تغيير، وكمستهلكين يجب علينا المطالبة بهذا التغيير. إذا كنت تعترض على ما تفعله إحدى التقنيات فلا تشتريها. إذا لاحظت أن جهاز آيفون الخاص بك يجعلك أقل حضوراً في الحياة الواقعية  فلا تشتريه أو على الأقل أطلب تصميمها بشكل مختلف. لقد بدأت أشاهد هذا بالفعل في عالم الهواتف الذكية. الناس يقولون هذا يجعلني مجنوناً. هاتفي يقودني أحتاج إلى جهاز أكثر احتراما لوقتي.

فقط لأننا اخترعنا تقنية قوية لا يعني أننا يجب أن نصبح عبيدا لها. أعتقد أننا وقعنا في حب هذه التكنولوجيا الرائعة التي اخترعناها. كنا مثل محبي الشباب الذين لم يرغبوا في التحدث لأنهم اعتقدوا أنها ستدمر الرومانسية. لكن الآن حان الوقت للتحدث. حان الوقت للحديث عن هذه التكنولوجيا التي وقعنا في حبها. لقد حان الوقت لنقول “مرحبًا، لنجعل هذه التكنولوجيا تتناسب مع أغراضنا، وغاياتنا هي أغراض إنسانية”

شاركها.