الطريقة التي تم اكتشاف بدائل السكر المصنعة بها تصلح لأن تكون مشهدًا كوميديًا قديمًا!

ففي عام 1879، “إيرا ريمسن” الباحث بكلية الطب في جامعة “جونز هوبكنز” في مدينة بالتيمور الأمريكية، لاحظ أن أحد مُشتقات قطران الفحم والتي علقت فيه يديه مُصادفةً حلوة المذاق. هذه المصادفة كانت بمثابة المرحلة الأولى لتطوير مادة “السكارين”. وهو محلي صناعي معروف اليوم لجميع المهتمين بالأنظمة الغذائية باسم “سويتن لو”. وهو الاسم الأشهر لمنتجات بدائل السكر المحتوية على “السكارين”.

الآن يمر 125 عام، على إدراج السكارين للقائمة المتزايدة من المحليات الصناعية والمختلفة في التركيب الكيميائي والاستخدام وتشمل: اسيسلفام البوتاسيوم و الأسبرتام والسكرالوز و التاغاتوز. وغيرها من الأسماء.

هذه المنتجات بديلة للسكر العادي. فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها كبديل لشراب الذرة المستخدم في المشروبات الغازية والمشروبات المُحلاة و قوالب السكر. لكن التحلية تشمل  العديد والكثير من الأشياء بداية من الشوكولاتة والكاتشب والعلكة والآيس كريم والمشروبات. فهل المُحليات الصناعية آمنة؟ هل يمكنها أن تساعد الناس في اتخلص من الوزن الزائد؟ وما الدور الذي يجب أن تلعبه في أنظمتنا الغذائية, إن وجد؟

المُحليات الصناعية، أو بدائل السكر هي مركبات توفر المذاق الحلو للسكر بدون سعرات حرارية.
فهي أحلى من السكر بمقدار 30 إلى 8000 ضعف، ونتيجة لذلك تحتوي على سعرات حرارية أقل بكثير أقل بكثير من مثيلاتها الموجودة في الأطعمة المُحلاة بالسكر العادي”السكروز”. فكل جرام من السكر يحتوي على 4 سعرات حرارية. بينما الكثير من بدائل السكر لا تحوي أي سعرات في الجرام الواحد.

تقول أخصائية التغذية بولاية نيويورك “فايليس روكسلاند”: “المحليات الصناعية يمكن أن تلائم أغراض كلا من الباحثين 
عن فقدان الوزن وكذلك التحكم في مرض السكر”. “فهي تمكن الناس من تناول أطعمة غير مسموحة لحالتهم الصحية أو كانوا يستطيعون تناول كميات ضئيلة فقط منها دون اكتساب أي سعرات إضافية”

بكلمات أخرى فإن المُحليات الصناعية تمكن الناس من الإلتزام بنظام غذائي جيد وصحي لمدة طويلة من الوقت فهذه المواد حلوة المذاق تُعد أطعمة خالية من السعرات الحرارية ولا تؤثر على الأنظمة الغذائية.

يوافق هذا الرأي الطبيب “روث كافا” مدير قسم التغذية للقنصلية الأمريكية للصحة والعلوم بمدينة نيويورك، حيث يقول” إن هذه المنتجات قد تكون مفيدة عند استخدامها بشكل جيد للأشخاص المصابين بمرض السكر أو الذين يحتاجون لإنقاص أوزانهم”.

فالمحليات الصناعية لا تؤثر على معدلات السكر في الدم، لكن بعض الأطعمة المحتوية عليها يمكن أن تؤثر على مستويات السكر بالدم، لاحتوائها على الكربوهيدرات أو البروتين. بكلمات أخرى فإن الأطعمة المحتوية على بدائل السكر قد تكون خالية من السكر لكنها ليست خالية من الكربوهيدرات.

“مفتاح فقدان الوزن هو السعرات الحرارية” كما تشير “كافا”.
“لو استبدلت الصودا المحلاة بالخالية من السكر فسوف توفر 100 سعر حراري, لكن لو أكلت 15 قطعة من الحلوى خالية السكر، بدلًا من قطعتين من المحتوية على السكر، فربما لن تساعد نفسك على الإطلاق”

يقول “مايكل جاكوبسون” الحاصل على الدكتوراة، والمدير التنفيذي بمركز العلوم بواشنطن: “إذا أراد شخص ما خسارة الوزن، وإنقاص السعرات الحرارية، فإن بدائل السكر يمكن أن تضيف طعمًا أفضل للأطعمة أو المشروبات غير المحلاة”

“الشخص الذي يتناول كميات كبيرة من الأطعمة المُحلاة صناعيًا يجب عليه أن يفكر مرتين في نظامه الغذائي وأن يتناول طعام حقيقي”.

وأضاف:” استخدام بدائل السكر يحمي الأسنان من مخاطر السكر, لكن الحمض في الصودا المُحلاة ببدائل السكر قد يضر الأسنان أيضًا”.

ملحمة “السكارين”!

الأمان، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بخطر الإصابة بالسرطان، والذي قد يحدث  في اعتقاد الكثير من الناس نتيجة لإستخدام “السكارين”، بدأ هذا الجدل في سبعينيات القرن الماضي، تحديدًا في عام 1977. حيث حاولت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية منع استخدام هذه المادة عقب أبحاث أجريت على حيوانات، أثبتت إصابتهم بسرطان في المثانة، والرحم والمبايض والجلد ومناطق أخرى من الجسم. لكن صناعة الأطعمة تدخلت، وعقدت جلسة طارئة أقرت إبقاء هذه المنتجات في الأسواق مع إضافة عبارة ” هذا المنتج قد يسبب أضرارًا لصحتك. فهذا المنتج يحتوي على مادة السكارين والتي قد تم إختبار تسبيبها للسرطان على حيوانات المعامل”

في التسعينيات، مركز إستشارة التحكم في السعرات الحرارية بأمريكا أعلن أن تلك المشاكل المرتبطة بالسكارين كانت تخص فقط فئران التجارب الذكور وليس البشر. وقد تم إعلان هذه النتائج عقب أبحاث برهنت أن ذكور الفئران أكثر عرضه لسرطان المثانة وكنتيجة لذلك قامت معاهد الصحة الوطنية بإزالة السكارين من قائمة مسببات السرطان.

غرفة صناعة الأغذية أعلنت بالتالي عدم وجود مبرر للملصق الموجود على المواد المحتوية على السكارين، والإكتفاء بتنبية المستهلك أن هذه المنتجات تحتوي على “السكارين”.

تقول “كافا”:” قناعاتي الشخصية أن المحليات الصناعية آمنة”. والإستثناء الوحيد هو الأسبرتام للأشخاص المصابين بمرض نادر هو “فينايل كيتون يوريا”، والذي لا يستطيع المصابون به من التمثيل الغذائي لمادة “الفينيل آلانين”.

وأضافت جاكوبسون أن بعض الأشخاص قد يشعرون بصداع عند تناول بدائل السكر لفترات قصيرة.

وبجانب الصداع فإن تأثيرات بدائل السكر على المدى القصير قد تشمل الإنتفاخ و الإسهال عند بعض الناس. عند تناول كمية تقدر ب 50 جرام منها. وذلك في بعض هذه البدائل التي لا تعد مُصنعة وتسمى ب “كحوليات السكر”. تلك المواد تحتوي على السوربيتول و ال”لاكتيتول” و “المانيتول”/ وهي مواد منخفضة السعرات إذا ما قورنت بالسكر.

بعض هذه المواد قد يسبب إسهال شديد ويجب أن يأخذ الناس حذرهم من ذلك، كما تقول جاكوبسون.

الحل هو أن تعرف الحدود التي يتقبلها جسمك، فالاستهلاك المفرط يسبب تأثير مُلين مما قد يسبب الإسهال.

أضرار الإستخدام المفرط؟

بعيدًأ عن ” كحوليات السكر”, فإن روكسلاند لا يرى وجود أضرار للإستخدام الزائد لبدائل السكر, فحتى لو تناول الشخص كميات كبيرة من الحلوى والآيس كريم المصنعين منها، فبالطبع هذا سيكون أقل ضررًا إذا ما كانت مصنعه من السكر العادي.

180 مليون أمريكي عادةً ما يتناولون أطعمة ومشروبات مصنعة من بدائل السكر طبقًا لإحصائية صدرت في عام 2004.
وهناك منتجات جديدة تغزو الأسواق بشكل يومي مما يؤشر على عدم وجود نية للتراجع عن هذه المنتجات. 

“سبليندا” وهو نوع جديد لبدائل السكر يمكن استخدامه بسلاسة في المخبوزات حيث لا يتأثر بالحرارة كذلك يستخدم في المشروبات الساخنة والأطعمة المجهزة.

 بينما ” آكلام” وهو منتج أحلى ب 2000 ضعف من السكر العادي  ويستخدم في العديد من المشروبات والأطعمة في الولايات المتحدة.

بينما “سايكلامات” وهو منتج آخر أحلى ب 30 ضعف من السكر وأقلهم تركيزًا وتم منعه في الولايات المتحدة في السبعينيات، وحصل حاليًا على موافقة إدارة الغذاء والدواء.

” داي-هيدرو-كالكونز” وهي محليات غير سكرية مستخرجة من الفاكهة وأحلى 300:2000 مرة من السكروز.

“الثوماتين” هو نوع آخر محتمل من المحليات، وهو خليط من بروتينات الفاكهة من غرب أفريقيا وأحلى ب 2000 إلى 3000 ضعف من السكروز.

شاركها.