دعوات لـ“خطة مارشال“ دولية لمواجهة كورونا المستجد‎

تتزايد الدعوات للحكومات الثرية الساعية لحماية اقتصاداتها من وباء فيروس كورونا كوفيد-19 للتنسيق من أجل التصدي لركود عالمي طويل الأمد، وموجات إصابة في المستقبل من الدول الأفقر. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أنخيل غوريا، التي تضم اقتصادات متطورة، إن التنسيق يجب أن يفوق ذلك الذي تم في الثلاثينات إبان ”الصفقة الجديدة“ أو ”خطة مارشال“، التي ركزت على إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وأشار المسؤول في المنظمة التي تأسست بموجب خطة مارشال نفسها، إلى أن ركوداً عالمياً يبدو ”مرجحاً بشكل متزايد“ في النصف الأول من هذا العام، ”وعلينا التصرف الآن لتجنب ركود طويل الأمد“.

وأضاف في بيان أنه ”وحده جهد كبير ذو مصداقية يتم تنسيقه دوليا يمكن أن يواجه حالة الطوارئ العامة العاجلة في قطاع الصحة، وأن يمتص الصدمة الاقتصادية ويطور مسارا نحو التعافي“. وبينما تكشف العديد من الحكومات عن حزم إنفاق ضخمة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، بما يفوق ما حدث إبان أزمة 2008 المالية، لم تصدر حتى الآن أية خطة عمل مشتركة من مجموعات على غرار ”مجموعة الدول السبع“ و“مجموعة العشرين“.

مجموعة الـ20

وتحضر الرئاسة السعودية لمجموعة الدول العشرين لقمة عبر الفيديو، بينما يتفق المحلل الاقتصادي في مجموعة ”أليانز“ لوفديتش سوبران بأن الجهد المتسق مطلوب من أجل الدول الأفقر وخاصة في أفريقيا. وأوضح أنه ”تم اتخاذ كافة الإجراءات الدولية من دون أي تنسيق وهذا أمر غير مسبوق“. وقال غوريا: إنه كان لزاما على الحكومات العمل مع بعضها البعض لضمان حصول تقدم على الجبهة العلمية، بما يشمل ذلك أبحاث اللقاحات واختبارات فحص شاملة.

سيولة مالية مباشرة

أما على الضفة المالية، فقال إن على السلطات مقاربة أوجه من قبيل تقديم سيولة مالية مباشرة كمساعدات لمن يعملون لحسابهم، وأولئك الذين لا يتلقون المساعدات التي تقدم لمن يعمل في وظائف بدوام كامل أو برواتب. وذكر غوريا أنه وسط محادثات عن خطط إنقاذ للشركات الاستراتيجية، على الحكومات أن تمد يد العون إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في قطاعي الخدمات والسياحة. وقال: ”على كل شيء أن يصب في صالح كسب ثقة المواطنين الذين شعروا بمواطن الضعف في اقتصاداتنا قبل أن يحدث كل هذا“.

حل مالي عالمي

وتجمع الحكومات الأكثر ثراء ومصارفها المركزية تريليونات الدولارات لمحاربة كوفيد-19، لكن القلق يزداد في ما يخص تلك الأكثر فقراً ممن لا تملك حرية الوصول إلى أسواق المال ونظام صحي ملائم. وأفاد تشارلي روبرتسون، كبير المحللين المتخصصين بشؤون الاقتصاد الدولي في ”رينسانس كابيتال“ في لندن، بأنه ”في حال ليس بمقدور جنوب إفريقيا التحكم بالفيروس فسينتشر مجدداً. لا يمكن لأي بلد أن يتحمل الإبقاء على كل البلدان ممنوعة من السفر“. وأضاف: ”لذا، أعتقد بوجوب خلق حل مالي عالمي لمواجهة أزمة الفيروس هذه“، داعياً إلى تحرك مجموعتي الدول السبع والعشرين. واقترح روبرتسون أنه بإمكان مجموعة الدول السبع الأكثر تقدما الاستدانة لصالح الدول الأقل نموا بمعدّلات الفائدة الحالية الأقرب إلى الصفر.

ترامب والتنسيق!

لكن في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تتسم سياسته بالانعزالية، لم يلقَ الحديث عن تنسيق دولي آذانا صاغية بعد، في وقت تعمل واشنطن جاهدة لرأب تصدّعاتها الداخلية. وفشل النواب الأمريكيون، الأحد، في الاتفاق على حزمة طوارئ بتريليون دولار لدعم اقتصاد البلاد الذي تعرّض لضربة موجعة. وأشار الديمقراطيون إلى أن الخطة الجمهورية فشلت بتقديم حماية كافية لملايين العمال أو حماية نظام الرعاية الصحية الذي يفتقد للمعدّات اللازمة. وتجاوزت حصيلة الوفيات جراء الفيروس على صعيد العالم 14 ألفا، بينما تم عزل نحو مليار شخص، في حين أغلقت الأعمال التجارية غير الأساسية في عشرات البلدان.

محض تمنيات

وأفاد غوريا في مقابلة مع شبكة ”بي بي سي“ إلى أن اعتقاد صانعي القرارات في دول مجموعة العشرين قبل عدة أسابيع بأن العالم قد يتعافى بشكل حاد وسريع من تداعيات الوباء هو ”محض تمنيّات“. وأضاف أن الدول ستضطر للتعامل مع التداعيات الاقتصادية ”لسنوات“. بدوره، ذكر كبير خبراء الاقتصاد لدى شركة ”كابيتال إيكونوميكس“ للأبحاث نيل شيرينغ أنه من المحتمل أن تعود معظم الاقتصادات لاتّجاهات ما قبل فيروس كورونا المستجد، في ما يتعلق بإجمالي الناتج الداخلي بحلول عدة سنوات. لكنه حذّر من أن تحوّل النمو المنخفض في إجمالي الناتج الداخلي إلى أمر دائم غير مستبعد. وأوضح أن ”المخاطر أكبر في البلدان الأكثر مديونية في منطقة اليورو، والأسواق الناشئة ذات الميزانيات الهشّة“.

زر الذهاب إلى الأعلى