دعاء من خاف السلطان
دعاء من خاف السلطان

ظلم السلطان لأحد الرعية من الأمور الشديدة على نفس المظلوم ، و الظلم كله شديد على النفس ، لكن ظلم السلطان أشد لأنه المظلوم لا يستطيع أن يصل الى حقه ، فكيف يصل اليه و الظالم هو المفروض من ياتي بحقوق الناس ، و من يمنع ظلمهم .

دعاء من خاف ظلم السلطان :

علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم دعاء يدعو به من خاف ظلم السلطان ، و خشي من بأسه :

1 – ((اللَّهُمَّ رَبَّ السَّـمَواتِ السَّبْعِ، ورَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، كُنْ لِي جَاراً مِنْ فُلاَنِ بْنِ فُلانٍ، وأحْزَابِهِ مِنْ خَلائِقِكَ؛ أنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحدٌ مِنْهُمْ أوْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنُاؤُكَ، ولا إِلَهَ إلاَّ أنْتَ)) .

وهذا الحديث ورد عن سيدنا عبد الله بن مسعود .

شرح الدعاء :

(كُن لي جاراً( أي: مجيراً ومعيناً.

(أن يفرط علي أحد منهم أو يطغى) : أي: يعجل علينا بالقتل والعقوبة، ويقال: فرط عليه فلان إذا عجل .

)يطغى) أي: يتجاوز الحد في الإساءة .

(عز جارك) أي: قوي من استجار بك.

(جل ثناؤك) أي: عظم الثناء عليك.

دعاء من خاف ظلم السلطان
دعاء من خاف ظلم السلطان

2 – (اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أعَزُّ مِنْ خَلْقِهِ جَمِيعاً، اللهُ أعَزُّ مِـمَّا أخَافُ وأحْذَرُ، أعُوذُ باللـهِ الذِي لَا إِلَهَ إلاَّ هُوَ، الـمُمْسِكِ السَّـمَواتِ السَّبْعِ أنْ يَقَعْنَ عَلَى الأرْضِ إِلاَّ بإذْنِهِ، مِنْ شَرِّ عَبْدِكَ فُلانٍ، وُجُنُودِهِ وَأتْبَاعِهِ وأشْيَاعِهِ، مِنَ الجِنِّ والإنْسِ، اللَّهُمَّ كُنْ لِي جَاراً مِنْ شَرِّهِمْ، جَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَعَزَّ جَارُكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ: وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ  . (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) .

شرح الدعاء :

(الله أعز مما أخاف وأحذر) أي: الله تعالى أقوى وأعظم من هذا المخلوق الذي في قلبي خوف وحذر منه .

(أعوذ)  أي: أستجير .

(أشياعه) الأشياع جمع شيعة؛ والمراد: الأتباع والأنصار والأعوان .

(كن لي جاراً) أي: حامياً وحافظاً .

 

دعاء من خاف ظلم السلطان
دعاء من خاف ظلم السلطان

تحريم الظلم :

الظلم هو وضع الشئ في غير محله ، و أخذ ما ليس لك من مال أو عرض أو دم .

و الظلم محرم في الكتاب و السنة ، قال تعالى( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً).  .

وقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) .

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ” وكل عمل يؤمر به فلا بد فيه من العدل فالعدل مأمور به في جميع الأعمال والظلم منهي عنه نهيا مطلقا ولهذا جاءت أفضل الشرائع والمناهج بتحقيق هذا كله وتكميله فأوجب الله العدل لكل أحد على كل أحد في كل حال “.

وقال صلى الله عليه والسلام ( إن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا ) .

وقال صلى الله عليه وسلم ( لَا تَحَاسَدُوا ولا تَنَاجَشُوا ولا تَبَاغَضُوا ولا تَدَابَرُوا ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى ها هنا -وَيُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ – بِحَسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ على الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) .

أنواع الظلم :

الظلم انواع ثلاثة :

  • ظلم العبد لنفسه بالاشراك بالله تعالى و الذي هو أكبر الكبائر .
  • ظلم العبد لنفسه بمعصية الله فيما بين العبد و بين الله تعالى .
  • ظلم العبد لغيره من العباد مثل ظلم السلطان للناس .
دعاء من خاف ظلم السلطان
دعاء من خاف ظلم السلطان

عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : قال رسول اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم ( الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل ثَلاَثَةٌ دِيوَانٌ لاَ يَعْبَأُ الله بِهِ شَيْئاً وَدِيوَانٌ لاَ يَتْرُكُ الله منه شَيْئاً وَدِيوَانٌ لاَ يَغْفِرُهُ الله فَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَغْفِرُهُ الله فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ قال الله عز وجل إنه من يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ الله عليه الْجَنَّةَ وَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَعْبَأُ الله بِهِ شَيْئاً فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ من صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ أو صَلاَةٍ تَرَكَهَا فإن اللَّهَ عز وجل يَغْفِرُ ذلك وَيَتَجَاوَزُ إن شَاءَ وَأَمَّا الدِّيوَانُ الذي لاَ يَتْرُكُ الله منه شَيْئاً فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً الْقِصَاصُ لاَ مَحَالَةَ ) .

ظلم العبد لغيره من العباد :

ظلم العبد لغيره من الناس لا يتعدى حالتين :

ظلم اللسان : وذلك بأن يظلم العبد غيره من الناس بلسانه من غيبة و النميمة و الشتم و السب و السخرية و الاستهزاء و شهادة الزور ة القذف و قول الباطل .

ظلم بالفعل : مثل القتل و السرقة و الربا و الزنا و اللواط و الضرب و الايذاء و تجاوز الحدود وأكل حق الاجير أو العامل ، و المماطلة في تسليم من له حق حاضر ، و غالب ظلم السلطان يكون من ظلم الفعل  .

و يعتبر القتل أشد انواع ظلم العبد لغيره من العباد ، ففيه اعتداء على حياة الانسان التي هي هبة من الله تعالى لعبده لا يحق لأحد التعدي عليها الا بحقها .

  • قال تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) .
  • وقال عليه الصلاة والسلام ( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا مَن مات مشركا أو مؤمن قتل مؤمنا تعمدا ) .
  • وقال عليه الصلاة والسلام ( لا يزال المؤمن في فسحة مِن دينه ما لم يصب دما حراما ) .
  • قال عليه الصلاة والسلام ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وما هُنَّ ؟ قال ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله إلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يوم الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ) .

تحريم مساعدة الظالم :

  • حرم الله تعالى مساعدة الظالم ، و القيام معه ليظلم الناس ، فظلم السلطان لا يكون بمباشرة منه ، و يقوم الاعوان بتنفيذ هذه الأوامر و التوجيهات ، فيصبحوا شركاء معه في ظلم من ظلمه و تعدى على حقه ،
  • وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم مَن أعان ظالما بعقوبات منها :  قوله صلى الله عليه وسلم ( مَن أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ).
    وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله ) .
دعاء من خاف ظلم السلطان
دعاء من خاف ظلم السلطان

التحذير من دعوة المظلوم :

على الظالم ان يكون شديد الحذر من ظلم العباد ، فدعوة المظلوم من الامور المهلكة التي لا يردها الله من عبده حتى لو كان المظلوم كافراً ، فمن دعا الله و قد تقطع قلبه و تفطر فؤاده كمداً و حزناً و قلة حيلة فإن الله تعالى يجيبه و يقبل دعائه و لو بعد حين ، فالحذر الحذر من ظلم العباد و التجاوز في حقوقهم ، و منعهم مالهم .

 

 

شاركها.