دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي يقال في الصلاة بعد تكبيرة الاحرام وقبل قراءة الفاتحة ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر صيغ عديدة لهذا الدعاء ، يسن للمسلم أن ينوع بينها ، و لا يجوز له أن يأتي بصيغة لم ترد في كتب السنة .

حكم دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح سنة من سنن الصلاة ، اذا فعله المصلي أثيب عليه وإذا لم يفعله لم يأثم ، ولا يسجد له سجود السهو ، ويستحب للمصلي أن ينوع في أدعية الاستفتاح ، فيأتي بدعاء وارد عن النبي صلى الله عليه و سلم مرة ، و بدعاء آخر وارد عنه مرة أخرى في صلاة ثانية .

أدعية الاستفتاح :

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح

وردت أدعية الاستفتاح عن النبي صلى الله عليه و سلم بألفاظ متعددة ، منها :

(اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ ، وَالثَّلْجِ ، وَالبَرَدِ ) .

(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ ) .

أدعية استفتاح أقرها النبي لمن قالها :

وروى مسلم  ، والنسائي  عن أنس رضي الله عنه : ” أَنَّ رَجُلًا جَاءَ ، فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ ، قَالَ : ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ ) ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ – يعني : سكتوا – ، فَقَالَ : ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ) ، فَقَالَ رَجُلٌ : جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا ، فَقَالَ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا ) .

وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ” بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ ) قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ : أَنَا ، يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : ( عَجِبْتُ لَهَا ، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ) . قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ ” ..

أدعية الاستفتاح في قيام الليل :

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح

وردت عن النبي صلى الله عليه و سلم ادعية استفتاح كان يقولها في صلاة قيام الليل منها :

(وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلَاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ) .

(اللهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ، فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .

)اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ).

وروى النسائي  عن عاصم بن حُمَيْد ، قال : ” سألت عائشة رضي الله عنها : بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح قيام الليل ؟
قالت : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ عَشْرًا ، وَيَحْمَدُ عَشْرًا ، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا ، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا ، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي ، وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .

دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح

الجمع بين أكثر من دعاء للاستفتاح في الصلاة :

للعلماء في هذه المسألة قولان :

القول الأول الجواز : فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه :

(مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَجَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ , مِنْهُمْ أَبُو إسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ , وَالْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ , وَهُوَ اخْتِيَارُ الْوَزِيرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ ” سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك . . . ” ” وَوَجَّهْتُ وَجْهِي . . . ” …. وَقَدْ اسْتَحَبَّ النَّوَوِيُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْتَاحُ بِمَجْمُوعِ الصِّيَغِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا ، لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا , وَلِلْإِمَامِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَأْمُومُونَ) .

القول الثاني عدم الجواز :

  • سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الجمع بين أكثر من دعاء للاستفتاح في الصلاة الواحدة ، فأجاب رحمه الله (السنة أن ينوع في الاستفتاح ، ولم يكن النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام ، تارة يستفتح بما جاء في حديث عمر  ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ) ، وتارة ما جاء في حديث أبي هريرة : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي ….. إلى آخر الحديث) ، وهو في الصحيحين  .
  • وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله نفس السؤال فأجاب أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من صيغة للاستفتاح في الصلاة .
دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح

وسئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي عن ذات المسألة فاجاب : ( الذي اختاره جمعٌ من المحققين أنه يُنَوِّع ، فيدعو بهذا تارةً ويدعو بهذا تارة ؛ لأن الخلاف هنا خلاف تنوع ، وليس بخلاف تضاد ، وبناءً على ذلك ينوع ، فيصلي بهذا تارة ويصلي بهذا تارة ؛ لأنه هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما لو جمع الجميع في موضع واحد ، فللعلماء وجهان : الوجه الأول : اختار الإمام النووي رحمه الله أنه لا حرج في الجمع بين هذه الأدعية .
والوجه الثاني : اختار شيخ الإسلام وغيره : أن الجمع بينهما لم يرد ، فلذلك يقتصر على الوارد.
والأولى والأحوط أن الإنسان يقتصر على الوارد ، فيصلي بهذا تارة وبهذا تارة ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أعلم ) انتهى من  شرح زاد المستقنع للشيخ الشنقيطي .

 

زر الذهاب إلى الأعلى