حبيب سمسم (1)

كان تواجدها معه يعني الارتياح . صديق تصاعد في حياتها حد الاخوة ..كفل لهما الزمن والظروف سبل القاء و جعل من حياتهما شبكة يصعب فكها او حتي محاوله تحليلها . في كل حدث مفرح او حزين كان لها رفيقا . نسيانه يعني ان تفقد الذاكرة و تمحي شبابها والمراهقة . كلمة سفر تخرج بسهولة وهي تحدثهم كلهم عن مخططها الجديد بعد ان حصلت علي تأشيرة لاستراليا و بدأت بتحقيق حلمها في الهجرة . تجاوزت كل العقبات المعتادة و ادهشها حظها المبتسم علي غير العادة ..كأن البلاد تطردها ..غادري… دربك اخضر .. تأتي علي بالها الف صورة من المشاهد اليومية التي تعلم انها ستشتاقها حتما في البعد . تكاد تدمع و هي تلاحظ ان حديثها اليوم مع صديقتها سيكون من اخر الاحاديث المباشرة التي تستطيع فيها ان تري وجهها و تعابيرة . رائحة الاماكن ..دفء الاسرة ..امها و اخواتها الثلاث مزاحهم المستمر شخارهم كل شئ صار يودعها بصمت ..جنازة هادئة لحياة تقليدية تذمرت منها لسنوات . كل الامور ميسرة حتي مشاعرها الغامرة مقدور عليها ..انه تردد بسيط و سيمضي بمجرد اقلاع الطائرة . وتنتابها نشوة السفر الحلم و الافكار المستقبلية . فقط وجهه يستعصي ان يكون قابل للوداع…. لماذا الان تفكر فيه تحديدا دون الجميع .. لم تخبره ..خباءت عنه كل شئ يخص السفر …وكان ينتابها شعور غريب بالخوف كلما لقيته او حدثته ..شعور مجرم هارب ..كذبها عليه كان الاكثر وضوحا .. وعليه كانت تتجنب ان تطيل الحديث و كان هو يحدجها بنظرة تعلمها جيدا و يهز رأسه قليل وهو يردد ….”يا سمسم ..ياسمسم..اخ منك انت” سمسم ..من سيناديها بسمسم و اسمها هند غيرة من يستطيع ان يجعل كل المشاكل تافهة وسخيفه ..من تستطيع ان تمنحه كل الحب فيقدره ويعزها دون ان تخاف ان يعتبره امر عادي ..مهما طال الزمن تعلم انه دوما سندها الذي يظهر دونما حاجه للنداء .. لسنوات طوال كانت له كل النساء و كان هو كل الرجال ..علاقه رائعه رغم انها لا تحمل كلمه عشق واحده .. من يحتاجها ..في وجود كل هذا التفاهم .. من يحتاج جنون الوله و احتاجب المنطق . حتي حين تمت خطبتها ..كان هو الشخص الوحيد الذي يعلم تفاصيل علاقتها بخطيبها ..تغضب ان اشار خطيبها اليه و تساءل عن معني تواجده الغير مبرر في نظره .. تخشي عليه من تهوره فقد كانت صمام الامان الذي يدفعه ليعيد النظر و يتمهل .. تخشي ايضا ان تفقد قدرتها علي التفاءل المكتسبه من احتكاكها به . اول مره تدرك انها وهو امتدادين لكيان واحد .. ماذا تفعل بكل هذا التعلق ؟ كيف تتركة وترحل ؟ مضت الايام و حقيبتها تكبر و خزانتها بل كل غرفتها بدت في التلاشي ..قلبها ينقبض ..تشعر بالغباء كيف لم تحسب لهكذا حدث ..اما كان بامكانه هو ان يتزوج و تمنعها معرفتها بطبائع الزوجات من رؤيته .. اما كان بامكان خطوبتها ان تتطور لزواج و تصبح ملك لرجل شرقي لا يفهم معني الصداقه .. هو ايضا يمكنه ان يسافر و يتركها ..لولا انه يحب هذه البلاد بشكل غريب .. الف احتمال للفراق .. لم تعد نفسها ابدا لهم . تطور احساسها و تفاقم حتي اصابها وهن … – سمسم – ايوه – انت عيانه – لا فترانه بس – امممم – مالك ؟ – عايز اعرف ناويه تكلميني متين ؟ – انت عارف ؟ ————————————— ايوه عارف …كيف تمكنت ان تفكر للحظة انه بامكانها تركي … ما معني هذا الغضب الذي يعتريني ..تنتابني رغبه عارمه في ضربها ..نعم ضربها سمسم العزيزة التي لابد ان تدلل ..لم يعد بامكاني ان اتقبل جرمها ..لابد ان اعاقبها علي هكذا جريمه ..تتركني ..! لا يستطيع ان يفكر في امر سوى سفرها ..تابع اجراءتها مع اخنها ..وهو يظن انها حتما ستغير رأيها …ستتراجع ستدرك ما ادركه اخيرا انهما امتدادان لكيان واحد ..انه حبييب سمسم ..كما يتندر اصدقاءه .. وكما انكر لسنوات طوال … انه الرجل الذي يجب ان يكون محرم لها في هكذا سفر ..انه من يجب ان تستأذنه حتى قبل ان تخبرامها …هكذا يجب ان تكون الاوضاع ..لا يعنيه الان انه لا يحمل صفه تؤهله رسميا لذلك ..لا يعنيه انه لم يعرف من قبل انه يهواها ..وانه لم يقدر ان يفكر في الارتباط بها او بسواها لانها تملؤه .. لا يهم ان كانت لا تعرف .. وان امكنها ان تمنح احد غيره صفه خطيب .. كل ما مضي اصبح حلم ..يريد تكراره للابد…يريدها ان تكون معه للابد .. كيف لا تخبره ؟ كيف تمكنت من التفكير مجرد التفكير بتركه …هل يحترق قلبها الان ..ام انه الوحيد الذي يشعر بالتعلق . مضت الايام و اعصابه تتلف ..تحول غضبه لحزن ..لم يعد يريد ضربها يريد فقط ان تضمه كي يبكيها مودعا ..ان تسمح له ببكاء طويل و عويل يحفر في ذاكرتها علها تشعر بحزنه و تحمله معها لتلك البلاد شديده البعد وتحول حزنه لشرود .. ——————————————- ها هما الان ..القلق سيد الموقف … يتمني ان يكون حبيب سمسم ….و يدع كل الخوف الذي يعتريه من فكرة الارتباط و فقدان اجمل علاقه في حياته تتمني انه لم يعرف .. ان لو امكنها مواجه غضبه حزنه و شروده عن بعد … تتمني ان تختبر مشاعرها في البعد ..هل تحبه ؟ ام ما معني كل هذا التعلق ؟

يتبع …………………….

—————

مشاهدة

زر الذهاب إلى الأعلى