جمهورية موز خرقها الملالي ودهسها عسكر الأتراك.. الجبير رشَق كندا فأصيبت قطر

يبدو أن قناة “تنظيم الحمدين” لا تعرف في السياسة وعلومها قيد أنملة؛ فالسياسة علم مثل بقية العلوم يُدرّس، وله مصطلحاته ومشاربه؛ إلا أن دور هذا التنظيم انحصر في التحريض، وتأليب الشعوب، وتنفيذ أجندة “عزمي بشارة” في المنطقة عبر نقل ثورات الربيع العربي بحثاً عن أمجاد ونفوذ يفوق الحجم الحقيقي لقطر.

ومنذ موقف الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب الذي تَصَدّرته السعودية بسبب سلوك قطر العدائي تجاه جيرانها ودعم الجماعات الإرهابية؛ بدأت قناة “الجزيرة” بتتبع أخبار السعودية وخاصة مقابلات وزير الخارجية عادل الجبير؛ فهم يلتقطون كل شاردة وواردة تخرج من فمه ويحوّرونها عن مسارها أحياناً بغباء وأحياناً بخبث؛ لكنهم أمس وكعادتهم التقطوا مصطلح “جمهورية الموز” التي استخدمها “الجبير” وهو يوصل رسالته للكنديين الذين يطالبون بالإفراج عن الموقوفين؛ فقال: “لسنا جمهورية موز”؛ فتركوا دفاعه عن سيادة المملكة وخصوصيتها ورفضها اختراق شؤونها الداخلية وفرض الوصاية عليها والابتزاز السياسي الرخيص، حتى جمّدت السعودية علاقتها مع كندا مثل بقية الدول التي حاولت قبلها كألمانيا التي عادت يوم أمس معتذرة وأبدت تعاونها؛ وعلّكوا هذه الجملة التي لم تمرّ مرور الكرام على مسامعهم.
فردحت طبول “الجزيرة” على هذه الجملة التي استخدمها “الجبير”؛ محاولين التهكم بها؛ وكأن هذه الجملة تمسهم؛ فانطبق عليها المثل “كاد المريب أن يقول خذوني”، فقطر مع مقاطعة الدول الأربع وارتمائها بعده في حضن تركيا وإيران؛ أصبحت “دولة موز” يسهل اختراقها، وما انتشار الجنود الأتراك في شوارع الدوحة إلا دليل حاضر على أنها “من جمهوريات الموز”، وهرولة تميم بن حمد إبان أزمة الليرة التركية ودفعه مليارات الدولارات لتركيا بعد أن وصفته الصحف التركية في هجوم عاصف “بالحليف الخائن”؛ فطار من الدوحة على أنقرة يطلب الود ويخطب رضاهم في سلوك من سلوكيات دول الموز ومن يقودونها، الذين سيجعلونها مع الوقت دولاً بدون موز ولا فواكه؛ فحتى هذا المصطلح لا ينطبق على اقتصاد قطر؛ فهي تستورد غذاءها كألبان العير التركي وليس لديها منتجات زراعية تصدرها!
“الجبير” رجل السياسة والدبلوماسية والمتحدث الحصيف يعرف ما يقول؛ فقد تتلمذ ودرس على يد وزير الخارجية السابق سعود الفيصل فقيه الدبلوماسية، الذي مارس العمل السياسي لأكثر من عقود “تتجاوز عمر تميم الفعلي”، وكان لـ”الجبير” رسالة أراد إيصالها وربما وصلت.
الأغرب من ذلك والمضحك، أن “الجزيرة” التي تتهكم “بجمهورية موز” تناست أن حليفها “أردوغان” قد استخدمه في نزاعه مع هولندا قبل زهاء عامين في وقت هجومه عليها؛ لمنعها دخول دبلوماسين أتراك لأراضيها؛ لكن “عين الرضا عن كل عيب كليلة”!
وبالعودة لتعريف هذه الجملة التي أطلقها “الجبير” يوم أمس وسارت بها ركبان تنظيم الحمدين وكتائبه في شبكات التواصل؛ فقد تمت صياغة هذا المصطلح في عام 1904 من قِبَل الكاتب الأمريكي “أو هنري” -اسمه الحقيقي ويليام سيدني بورتر- بعد أن اتهمته السلطات في ولاية تكساس بالاختلاس؛ حيث هرب “هنري” أولاً إلى نيو أورليانز، ثم إلى هندوراس، واستقر هناك بأحد الفنادق الرخيصة وألّف كتابه “الملفوف والملوك”.
كانت هندوراس هي أول دولة توصف بأنها “جمهورية موز”؛ وذلك قبل أكثر من قرن، وفي السياسة يُستخدم للدول التي يقوم اقتصادها على الزراعة كالموز وغيره، والدول غير المستقرة.

زر الذهاب إلى الأعلى