يُعد حسن الخلق من أسمى صفات المؤمنين الحق، فهو من سمات الأنبياء والأتقياء، ويُعد حسن الخلق التي ينعم الله بها على عباده المؤمنين، وقد كان النبي محمد صلى الله عليهِ وسلّم أفضل خلق الله من حيث الخُلق الحسن، فقد هذبه الله سبحانه وتعالى ورقق قلبه ليتمتع باللين فيكن خير خلق الله ويكن خير قدوة للمؤمنين على مر العصور والأزمان، ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى حُسن الخلق لعباده الأتقياء الأوفياء فأحبهم وحبب فيهم جميع خلقه من أهل السماء والأرض، وفي السطور التالية نتعرف معاً على تعريف حسن الخلق، وأهم صفات المؤمنين وأحبها إلى الله.

مقدمة عن حسن الخلق
مقدمة عن حسن الخلق

تعريف حسن الخلق

أوصانا النبي صلى الله عليهِ وسلّم بمخالقة الناس بالخلق الحسن، فماذا يُقصد بحسن الخلق، يقصد بحسن الخلق إتباع المعروف والحفاظ على مكارم الأخلاق، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون مثالاً للمؤمن الخلوق، وظهر ذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق).

وقد جعل الله الهدف من الدعوة الإسلامية هي إتمام مكارم الأخلاق كما ذكر، ويدل ذلك على أهمية التحلي بالأخلاق الحميدة والمعاملة الحسنة، فيكون ذلك سر قيام الدولة القوية التي تقوم على الحق والعدل والمحبة بين أفرادها، ولذلك أشار الله لأهمية الخلق الحسن وقد كان النبي دائم الدعوة بحسن الخلق، فقد كان دائم القول: (اللهم حسن خُلُقي كما أحسنت خَلقي)، فيشير ذلك لمكانة الإنسان الخلوق عند الله، ولذلك كانت سمة الخلق الحسن من سمات الأنبياء ليكونوا قدوةً للناس.

ومما يشير للخلق الحسن الرأفة بأحوال الناس، والصبر على البلاء، وحمد الله المستمر في السراء والضراء، والرفق واللين أثناء التعامل مع الناس، ويعد من حسن الخلق الإخلاص في آداء الأعمال، ونشر الود بالمعروف بين الناس، وإتباع سنة النبي الكريم والمتمم لمكارم الأخلاق لنكون خير أمة على وجه الأرض.

ويتمثل الخلق الحسن في الإصلاح، فإصلاح النفس هو الهدف الأسمى للتحلي بالأخلاق، ولذلك يُفضل دائماً بالإصلاح الداخلي للذات، والذي ينعكس بدوره على الخارج فيتسم الشخص بسمات الأتقياء ويتحلى بمحاسن الأعمال، فيقر بكل ما هو حسن وينبذ كل ما هو رديء وسيء إبتغاء مرضات الله ورضوانه.

اهمية حسن الخلق
اهمية حسن الخلق

حسن الخلق وأهميته في حياة المسلمين

يساعد حسن إسلام المرء وإتباعه سنّة النبي صلى الله عليه وسلم في الإقتداء بخلقه ومعاملته الحسنة مع الناس، فقد إستطاع النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يُنهض أمة المسلمين أمة قوية بفضل أخلاقه الحسنة وحسن تعامله مع الناس والعالم من حوله بالخلق الجميل والحلم والصبر على البلاء من الناس.

ولذلك يظهر دور حسن الخلق في إقامة دولة المسلمين التي إستطاعت نشر النور في عالم ملء بالظلام، وتمكن النبي من أن يُلين قلوب الناس من غير المسلمين ليحثهم على التوحيد وعبادة الله وحده حق عبادته، فتمكن من نشر الدعوة الإسلامية بالخلق الحسن والآداب التي علمها الله لنبيه الكريم.

فمن أهم صفات حسن الخلق التودد ونشر الود بين الناس، فيتودد الشخص إلى إخوانه بالمعروف والعمل الصالح، فيقدم كلاً منهم خدمات للآخرين بدافع إرضاء الله وعبادته حق العبادة، فمن حسن الخلق كسب ود من حولك، فينتشر حب عمل الخير والأعمال الخيّرة في المجتمع لينهض ويحقق أمجاده.

حسن الخلق شعبة من شعب الإيمان، ولذلك لا يتحقق الإيمان وأعلى درجاته إلى بتوفر سمة الخلق الحسن والأخلاق الرفيعة، والتي إختصها الله سبحانه وتعالى في عباده الأوفياء.

الرحمة من صفات عباد الله الأوفياء، فقد حثنا الله تعالى ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم على التراحم فيما بيننا، حيث دائماً ما يتمتع الإنسان الذي يتصف بالرحمة بحسن الخلق، فهو يرأف بمن حوله ويهب دائماً لمساعدتهم، وذلك من حسن إسلام المرء ودليل على ما يتمتع به المرء من خُلق رفيع، فالله يحب عباده الذين يساعدون الآخرين على قضاء حوائجهم، وقلوبهم تتسم بالرفق واللين.

أحب صفات الخلق إلى الله
أحب صفات الخلق إلى الله

أهم صفات المؤمنين التي تدل على حسن الخلق

أنزل الله في كتابه أهم صفات المؤمنين كما جاءت في سورة المؤمنون في قوله تعالى:

(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) (سورة المؤمنون الآية 1 – 9)

وذكر الله أهم صفات المؤمنين التي تساعدهم على تزكية النفس والإرتقاء لأعلى مراتب الإيمان، فهي الصفات الأساسية التي يحب الله أن يراها في عباده المؤمنين، والتي تشتمل على الخشوع في الصلاة لله، والبعد عن اللغو واللهو وشئون الدنيا الملهية عن ذكر الله وعبادته الحق، والذين يؤدون الزكاة المفروضة عليهم ويزكون عن أنفسهم وأهلهم ومالهم لمخارج الزكاة المختلفة التي ذكرها الله تعالى في كتابه.

كما وصف الله المؤمنين بمن يحفظون فروجهم إلا على أزواجهم، وأن يحفظ الرجل زوجته ويصونها ويعفها وألا يشركها مع غيره مثل القوم الظالمين، واضاف الله عز وجل لصفات المؤمنين من يحفظون الأمانة ويردونها إلى أهملها كاملة مكتملة، ومن يحافظون على صلواتهم.

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، عندما سئلت عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم:

دخَلنا على عائشَةَ فقُلنا يا أمَّ المؤمنينَ ما كان خُلُقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَت كان خُلُقُه القرآنَ تَقرؤون سورةَ المؤمِنينَ قالَت : اقرأ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال يزيدُ فقرأتُ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ إلى لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ قالَت هكذا كان خُلُقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ

فهذه هي أهم صفات المؤمنين التي يجب توافرها، وتتعدد شعب الإيمان ويختلف كلاً منّا عن الآخر في درجات إيمانه ومبلغه منها، ولكن الله عفو غفور يحب عباده الصالحين الأتقياء وأكثرهم نفعاً للناس والأمة.

ما هو جزاء المؤمنين؟

وقد أشار الله لجزاء المؤمنين في الحياة الدنيا والآخرة، فيكون جزاء المؤمن في الدنيا إكتساب حب الله وملائكته ومن في الأرض جميعاً، وتيسيراً وصلاحاً لجميع أموره، وبركة في الرزق والعمر وذلك جزاء المؤمنين في الدنيا، فيشعر الإنسان المؤمن بغمسة رضا في الدنيا برضا الله سبحانه وتعالى.

وعن جزاء المؤمنين في الآخرة فقد ذكر الله تعالى في كتابه جزاء المؤمنين في الآخرة في قوله تعالى:

(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)) (سورة المؤمنون آية 10 – 11)

فجزائهم هو الفوز بجنة الفردوس الأعلى، وميزهم بجنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك حسن الجزاء.

وأحب العباد إلى الله خيرهم وأنفعهم للناس، ولذلك يبث الله عز وجل روح التعاون والمثابرة من أجل المنفعة العامة ومساعدة المحتاج، فتُبنى علاقات الود والرحمة بين العباد من خلال مساعدتهم بعضهم  البعض، ولذلك كان النبي صلّ الله عليهِ وسلّم أول من يهب لمساعدة المحتاج، وكان دائماً ما يبدأ الخير من أهل بيته، وأوضح ذلك من خلال قوله صلّ الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).

فقد كان النبي صلّ الله عليهِ وسلّم قدوة ومثال للأخلاق الكريمة الراقية يُحتذى به.

شاركها.