الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام
الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام

الأشهر الحرم هي الشهور التي فضلها الله سبحانه و تعالى على باقي الشهور ، فالله جل في علاه يفضل ما يشاء على ما يشاء ، فقد فضل الله سبحانه و تعالى القرآن الكريم على سائر ما أنزل من الكتب على الانبياء و المرسلين ، و فضل سورة الفاتحة على سائر سور القرآن ؟، و فضل آية الكرسي على باقي آيات القرآن و جعلها الآية الاعظم في القرآن ، و فضل من الأيام الجمعة على سائر أيام الأسبوع ، و فضل من الأوقات الثلث الاخير من الليل على غيره من الأوقات ، و جعله وقتاً لنزوله جل في علاه نزولاً يليق بجلاله و كماله .

و هكذا الله سبحانه و تعالي يفعل ما يشاء ، و يفضل ما يشاء على من شاء ، و لا يُسأل سبحانه و تعالى عما يفعل و هم يُسألون .

ما هي الأشهر الحرم

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ” .

وقد ورد ذكر هذه الأشهر الحرم في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 36]

فالأشهر الحرم كما بينها الله و رسوله هي  ذو القعدة ، و ذو الحجة ،  و المحرم ، و  رجب

قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾ أي ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. فإنما أضافه إلى مضر ليبيِّن صحة قولهم في رجب: أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما كانت تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال، وهو رمضان اليوم، فبين صلى الله عليه وسلم أنه رجب مضر، لا رجب ربيعة، وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد وواحد فرد، لأجل مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل أشهر الحج شهرًا وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنًا” .

 

الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام .
الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام .

فضل الأشهر الحرم

للأشهر الحرم احكام و فضائل تميزها عن غيرها من الشهور نتعرف على بعض منها .

  • من فضائل الأشهر الحرم أن اعمال الحج كلها تقع فيها ، و الحج ما هو الحج من أقرب الاعمال و الطاعات الى الله تعالى  .
  • الاشهر الحرم يقع فيها العشر الاول من ذي الحجة التي هي خير أيام الدنيا و التي أقسم الله بها في كتابه ،و قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ”، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: “وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ” .
  • في الاشهر الحرم يقع شهر الله المحرم الذي يعد صيامه أفضل الصيام بعد رمضان ، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ” .
  • من فضل الأشهر الحرم أنه يقع فيها يوم عاشوراء و هو اليوم الذي عظم النبي صلى الله عليه و سلم صيامه و رغب فيه ، و أخبرنا انه يكفر السنة التي قبله .
  • من فضائل الأشهر الحرم أن الأعمال الصالحة فيها مضاعفة ، فالذكر و قراءة القرآن و الصلاة و القيام و الصوم و غيرها من الاعمال يضاعف فيها الثواب عن غيرها من الشهور و الأيام ، و كذلك الاعمال السيئة و المعاصي ، يضاعف فيها العقاب على صاحبها .

خصائص الأشهر الحرم

  • من الخصائص التي تختص بها الاشهر الحرم عن باقي الشهور ان الذنوب و المعاصي تعظم فيها عن باقي الشهور و الايام ، قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [التوبة: 36] أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تُضاعف لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25] ، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام. .
  • قال القرطبي رحمه الله: “خص الله تعالى الأربعة أشهر الحرم بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفًا لها، وإن كان منهيًا عنه في كل الزمان، كما قال تعالى: ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ .
  • من خصائص الاشهر الحرم أنه يحرم فيها الابتداء بالقتال ، و الحرب لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ [المائدة: 2]، ولقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 5]. وقال بعض أهل العلم: بل إن ابتداء القتال فيها نسخ بتحريمه كما في غيرها، ولكن الراجح أنه محرم – أعني الابتداء – إلا أن يبدأنا الكفار، أو يكون القتال إتمامًا لقتال سابق، فإنه لا بأس به” .
الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام .
الاشهر الحرم و فضلها في الاسلام .

كيف يعظم المسلم الأشهر الحرم

  • من تعظيم الله و اجلاله  سبحانه أن يعظم المسلم ما عظمه الله ، فليكثر المسلم في هذه الشهور الفاضلة ( الأشهر الحرم ) من الإكثار من ذكر الله و التقرب الى الله بالطاعات من صلاة و صيام و قراءة للقرآن ، و يكثر من قيام الليل ، و أن يكثر من الصدقة و رعاية الفقراء والمساكين لعل الله ان ينظر اليه نظرة رحمة و عفو .
  • و عليه ان ينتهي عن المعاصي و الذنوب في كل وقت ، لكن في هذه الاوقات فالانتهاء عنها آكد و أشد حرمة عن غيرها من الاوقات ، و أن يتقي المسلم الله ربه في نفسه فلا يظلمها بالذنوب و المعاصي ، وان يغتنم هذه النفحات في القرب و التضرع الى الله تعالى .

شاركها.