تاريخ الكعبة المشرفة

الكعبة المشرفة لها مكانة عظيمة بين المسلمين، حيث أنها أكثر المزارات الدينية التي يرغب المسلمون في زيارتها، وهذا يرجع لكونها بيت الله الحرام الذي فرض علينا الحج إليه عند الإستطاعة، لكن ما لا يعرفه البعض أن الكعبة Kaaba لم تكن بهذا الحال عندما تم بناؤها، فتاريخ الكعبة المشرفة ملئ بالكثير من التطورات التي طرأت عليها على مر العصور منذ أن أرسل الله سيدنا آدم عليه السلام إلى الأرض ليعمِّرها وحتى الآن، فنجد العديد من الأحداث والتغيرات التي حدثت في بناء الكعبة المشرفة.

تاريخ الكعبة المشرفة

تاريخ الكعبة
تاريخ الكعبة

وقد سُميت الكعبة بهذا الإسم نظراً لتصميم مجسمها على شكل مكعب، وقد مرت بالكثير من الأحداث التي طرأت عليها، فقد تهدمت أكثر من مرة نتيجة لأسباب وحوادث قد رضَاها الله وقدَّرها بمشيئته، فنجد الأحداث الخاصة بتاريخ بناء الكعبة المشرفة قد توالت على النحو التالي:

أول من بنى الكعبة

  • يُعتقد أن من قام ببناء الكعبة في الأرض هم الملائكة، ومن بعدهم سيدنا آدم وإبنه شيت.
  • ثم جاء الطوفان الشهير بعصر سيدنا نوح فتهدمت الكعبة.
  • لكن المؤكد لدينا بالقرآن الكريم أنه قد بدأ تاريخ الكعبة المشرفة ببناؤها على يد النبيَّان إبراهيم وإبنه إسماعيل عليهما السلام.
  • فأمر الله إبراهيم عليه السلام أن يتجه إلى المكان الذي ترك به إبنه النبي إسماعيل عليه السلام وزوجته السيدة هاجر.
  • وقد كان هذا بعد الحدث الشهير الذي إفتدى به الله عز وجل النبي إسماعيل بذبحٍ عظيم.
  • فوضع أساس البناء نبي الله إبراهيم وساعده فيه إسماعيل، وبنيا الكعبة بإرتفاع 9 أزرع فقط ومن غير سقف.

بناء الكعبة المشرفة في عهد الرسول

  • وبعد مرور السنين تم إعادة بناء الكعبة على يد قريش، وكان هذا قبل البعث بـ 5 سنوات.
  • والبناء كان عبارة عن حجارة منضودة مرصوصة فوق بعضها من غير طين.
  • لكن البناء صدعت جدرانه وهوى نتيجة السيول التي كانت تجتاح مكة من وقت لآخر، حتى كاد أن ينهار.
  • فقررت قريش إعادة بناء الكعبة من جديد، لكن هذه المرة عزموا أن يكون بناء متين يصمد أمام السيول.
  • وخشت قريش حينها أن تهدم الكعبة خوفاً من أن يحل عليهم سخط الله.
  • لكن الوليد بن المغيرة بدأ بالهدم، وعندما رأوا أنه لم يتضرر أكملوا الهدم بعده حتى تبقى منها أساس إبراهيم فقط.
  • وفي مرحلة البناء قُسم العمل على القبائل، وشرعت كل قبيلة ببناء ناحية من نواحي الكعبة، وتم البناء بحجارة الوادي.
  • وعندما وصلوا للحجر الأسود سبَّب خلاف بين القبائل؛ لأن كل قبيلة كانت تريد نيل شرف وضع الحجر الأسود بموضعه.
  • حينها جاء “أبو أمية بن المغيرة المخزومي” فقدم إقتراح وهو أن أول من يدخل من باب المسجد الحرام هو من سيرضون بحكمه، ووافقوا جميعهم على هذا.
  • فانتظروا ودخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهتفوا أنه الأمين رضينا بحكمه هذا محمد.
  • وعندما عرضوا عليه الأمر قال “هلموا إلى ثوبا”، وعندها وضع الحجر عليه وقال “لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا”، ففعلوا هذا وعندما وصلوا به إلى موضعه، أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم بيديه ووضعه بمكانه.
  • وقررت قريش بناء الكعبة بطيب الأموال وجمعوا ما إستطاعوا منها، لكن النفقة لم تكمل عملية البناء بالمال الحلال الخالص.
  • فنتيجةً لهذا شرعوا بإخراج الحجر من البناء ووضعوا مكانه علامة تدل على أنه من الكعبة.
  • وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها “ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة؟ ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا، وأدخلت فيها الحجر”.

المرحلة الثانية من بناء الكعبة

مراحل بناء الكعبة
مراحل بناء الكعبة
  • وفي عهد ابن الزبير رضي الله عنه عام 65 من الهجرة حدث حريق بالكعبة أثناء حصار يزيد بن معاوية لمكة.
  • فقرر الزبير حينها أن يبنيها كما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقام بهدمها وأعاد بنائها من جديد.
  • وبنى ما عجزت عن إكماله نفقة قريش بالماضي، وزاد أيضا في إرتفاعها بعشرة أذرع.
  • فجهزها ببابين واحد من المشرق، والآخر من المغرب، ليدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر، وزينها وجعلها بهية المظهر.
  • فكانت كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما أخبرته به خالته عائشة رضي الله عنها.
  • بعدها بفترة قصيرة نسبياً قام الحجاج عام 74 هجرياً بهدم الحائط الشمالى الذي بناه ابن الزبير وقام بإخراج الحجر وإعادتها مثلما بناها أبناء قريش ظناً منه أن ما فعله الزبير كان مخالفاً لما يفترض أن تكون عليه الكعبة.
  • فأصبحت الكعبة بباب واحد وسُدَّ الباب الآخر، وهذا بعد الرجوع إلى عبدالملك بن مروان الخليفة وقتها.
  • ولكن بعدها بلغ عبدالملك بن مروان حديث السيدة عائشة، أم المؤمنين رضي الله عنها وندم على ما فعل.
  • ولكنه لم يستطيع أن يعيدها إلى ما كانت عليه خشية أن تذهب هيبة الكعبة، ويقوم كل ملك يأتي فيما بعد بهدم ما بناه مَن سبقه فتُستباح هيبتها.
  • وبعدها في عام 91 هجرياً في زمن الوليد بن عبد الملك قام بحركة توسعة في المسجد الحرام بعدما حدث بالكعبة من سيلٍ شديد قد أحدث الضرر بها.

أخر مرحلة في بناء الكعبة المشرفة

  • حدث تصدعاً آخر بالكعبة في عهد السلطان أحمد الأول فقام بترميمها مرةً أخرى بعدما نصحه المستشارون بعدم هدمها.
  • وأخيراً إستقر آخر بناء للكعبة في العصر العثماني عام 1040 للهجرة بعهد السلطان مراد الرابع، وهذا بعدما أغرقت السيول المسجد الحرام فتصدعت جدرانه للمرة الأخيرة.
  • فبعدها أصدر السلطان مراد الرابع أمراً بأن يهدموا الكعبة ويعيدوا بناءها من جديد على يد مهندسين مهرة، وإستمرت عملية البناء 6 شهور، وصرفوا عليها الكثير من الأموال.
  • وهذا هو البناء الذي ظل صامداً إلى وقتنا هذا يستقبل الملايين من زوار البيت الحرام ليطوفو حوله ملبّين.
  • وكل ما حدث من تطورات بعد ذلك كانت عبارة عن ترميمات بسيطة وتوسّعات بالحرم.
  • وظلت الكعبة شامخة يتهافت عليها المسلمين من كل حدب وصوب لزيارتها والقيام بمناسك الحج والعمرة.

مدي قدسية الكعبة بالقرآن والسنة

الكعبة في القرآن
الكعبة في القرآن

نجد الكعبة قد ذكرت في القرآن الكريم بمسميات عديدة دليل على رفعة مكانتها وقدسيتها، فنجدها ذكرت في الآيات التالية:

  • “جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”، سورة المائدة، الآية 97.
  • “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ”، سورة المائدة، الآية 95.
  • “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”، سورة المائدة، الآية 2.
  • “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ”، سورة آل عمران، الآية 96.
  • “ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ”، سورة الحج، الآية 29.
  • “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”، سورة البقرة، الآية 125.
  • “رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ”، سورة إبراهيم، الآية 37.

إقرأ أيضاً:

كيف كان سقوط الأندلس

أشهر المساجد بالعالم الإسلامي

أشهر أنواع الأحجار الكريمة وفوائدها

زر الذهاب إلى الأعلى