الوسواس القهري هو واحد من الاضطرابات التي قد يتفاقم تأثيرها إلى حد عجز المريض عن ممارسة أنشطته .. فترى لماذا تحدث الإصابة بهذا الاضطراب ؟

يعد اضطراب الوسواس القهري أحد الاختلالات العقلية الشائعة، يتمثل ذلك الخلل في إيمان الإنسان بفكرة معينة تفرض سيطرتها المطلقة على الوعي والشعور إلى أن تتحول إلى قناعة تامة، والأهم من ذلك أن المريض لا يستطيع إزالة تلك الفكرة من رأسه أو التوقف عن تكرار أفعالها والتي تكون متمثلة في ترديد كلمات معينة أو القيام بفعل ما بشكل متكرر، ويعتبر الوسواس القهري واحد من الاضطرابات العقلية الشائعة حول العالم حيث تشير الدراسات أن كل البشر يصابون بدرجة بسيطة من هذا الوسواس في فترة معينة من حياتهم، ولكن في بعض الحالات يتحول الوسواس إلى عائق يمنع الشخص من ممارسة عمله وحياته الطبيعية:

أسباب اضطراب الوسواس القهري

شغلت حالات اضطراب الوسواس القهري العلماء لفترة طويلة ورغم أنهم لم يتوصلوا -حتى اليوم- إلى السبب الرئيسي وراء وقوع الإصابة به، إلا أنهم قد حددوا مجموعة عوامل رأوا أنها تزيد من احتمالات التعرض لذلك الاضطراب وهي:

نقص الناقلات العصبية

العقل البشري هو العضو الأكثر تعقيداً داخل جسم الإنسان، حيث يتكون من مليارات الخلايا العصبية التي تتواصل فيما بينها من خلال مجموعة إشارات كهربائية، تنتقل تلك الإشارات عن طريق بعض المواد الكيميائية المسماه الناقلات العصبية، وقد رصدت الدراسات المقارنة أن النسبة الأكبر ممن يعانون من الوسواس القهري مصابون بنقص حاد في أحد أنواع تلك الناقلات والمسمى سيروتونين Serotonin.

الجرثومة العقدية

يرى بعض الباحثين أن الوسواس القهري ليس مرضاً في ذاته بل أن الإصابة به قد تأتي في صورة أحد مضاعفات الأمراض الأخرى، مثال ذلك الجرثومة المكروة العقدية Streptococcus والتي تؤثر الإصابة بها على الوظائف الدماغية وتؤدي لإحداث تغيرات في الوظائف الإداراكية، وكشفت الدراسات أن نسبة كبيرة ممن تأخروا في علاج هذه الجرثومة عانوا فيما بعد من الوسواس القهري

التعرض للتعذيب

الخلل النفسي والعقلي على السواء قد تقع الإصابة بهم نتيجة التعرض إلى صدمات عصبية شديدة، وقد رأى علماء النفس أن الوسواس القهري قد ينتج عن مرور الإنسان بأي من التجارب القاسية، حيث لاحظ أن النسبة الغالبة من العائدون من الحروب أو النازحون من مناطق النزاعات المسلحة أصيبوا بهذا النوع من الاضطرابات، كذلك من تعرضوا للتعذيب في أي مرحلة من عمرهم كانوا أكثر عرضة للوسواس، حيث رصدت الدراسات أن نسبة غالبة من مرضى الوسواس القهري تعرضوا إلى ممارسات عنيفة في مرحلة الطفولة، مما دفعهم لتصنيف هذا الاضطراب إلى جانب عدوانية الأطفال والسرقة عند الأطفال ضمن قائمة النتائج المترتبة على التربية الخاطئة وممارسة العنف اللفظي والبدني تجاه الطفل.

الصدمات النفسية

تعرض الإنسان إلى صدمة نفسية شديدة لا يمر دون أن يترك أثراً في نفسه، وقد يأتي ذلك الأثر في صورة الإصابة بدرجة من الوسواس القهري وفقاً لما أقر به العلماء وجاءت به نتائج دراستهم، حيث أكدوا أن عدد كبير من حالات الوسواس وقعت لهم الإصابة في أعقاب مرورهم بإحدى التجارب القاسية والتي سببت لهم ألماً نفسياً شديداً، مثل الوفاة المفاجئة لأحد الأقارب أو المرور بأزمة مادية أو المرور بتجربة الطلاق أو اكتشاف خيانة أحد المقربين وغير ذلك..

القلق المرضي

يعتبر القلق شعوراً عادياً يصيب جميع البشر بنسب متفاوتة، لكن في بعض الأحيان يتفاقم الأمر إلى حدوث الإصابة بالقلق المرضي، أي يصبح القلق شعوراً دائماً خارج عن سيطرة الإنسان وفي تلك الحالة غالباً لا تكون هناك دقيقة أو واضحة تبرر هذا الشعور، ومتى شعر المحيطون بالمريض بتلك الحالة لابد من الإسراع بعرضه على الطبيب النفسي للحصول على الرعاية المناسبة لإعادة تأهيله ومنعه من التعرض إلى المضاعفات الخطيرة المرتبطة بتنامي المشاعر السلبية والتي من بينها وقوع الإصابة بدرجة متقدمة من الوسواس القهري

شاركها.