القلق ليس أمراً بسيطاً.. العلم يفسر كيف يقربك من مرض ألزهايمر

إصابة البشر بحالات القلق أو نوباته أصبح من الأمور الشائعة خصوصاً مع تسارع وتيرة الحياة والتطورات المستمرة في مجالاتها كافة، وهو ما شكل ضغوطاً كبيرة على عقول البشر.

ويمكن تعريف القلق بأنه حالة نفسية وفسيولوجية تتركب من تضافر عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية، وهو ما يخلق شعوراً غير جيد يرتبط عادة بعدم الارتياح والخوف أو التردد.

كما يرى الكثير من المتخصصين في علم النفس أن القلق عبارة عن حالة مزاجية موجهة نحو المستقبل، وفيه يكون الشخص على استعداد لمحاولة التعامل مع الأحداث السلبية القادمة؛ ما يوحي بأن ذلك هو التمييز بين الأخطار المستقبلية مقابل الأخطار الحالية الذي يفرق بين القلق والخوف.

ويعتبر القلق أحد ردود الفعل الطبيعية للدماغ عند التعرض لأي ضغوطات أو مؤثرات خارجية  يمر بها الإنسان سواء على الصعيد الاجتماعي أو العملي.

ولا توجد مشكلة بكل تأكيد عند شعور الإنسان بمشاعر مؤقتة من القلق، ولكن المشكلة الحقيقية تبدأ عند ملاحظة الانزلاق نحو الإصابة بحالات مرضية ممتدة ومستمرة من الشعور به للدرجة التي قد تصاحبها أعراض عضوية مثل تشنج العضلات والإرهاق العام بجانب اضطرابات النوم وغياب القدرة على التركيز.

فالإصابة بنوبات القلق المستمرة -بحسب باحثين من مستشفى بريجهام في بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية- من الممكن أن تكون إحدى العلامات والإشارات الأولية على احتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر مستقبلاً خصوصاً إذا كان الإنسان المصاب بنوبات القلق من كبار السن.

والحقيقة أن القلق لا يؤثر فجأة وبشكل مباشر في القدرات العقلية والإدراكية للبشر، وهو ما يغير التركيب التشريحي العضوي لدماغ الإنسان بل يرسل العديد من العلامات والإشارات الفرعية الأخرى التي تدق جرس الإنذار بارتفاع الاحتمالية الإصابة بالخرف أو ألزهايمر، وأن الأمر أصبح مسألة وقت فقط! ولعل من بين أهم تلك العلامات التي تظهر على مر السنوات على المصابين بنوبات القلق هي: 

– صعوبة تحديد الوقت أو المكان.

– عدم القدرة على القيام بالوظائف أو المهام اليومية التقليدية. 

– صعوبة العثور على الكلمات المناسبة في أثناء المحادثة.

– مواجهة مشكلات في القدرة على حل المشكلات والتخطيط. 

– صعوبة اتخاذ القرارات.

– الإصابة بالتقلبات المزاجية.

– ضعف الذاكرة. 

– تفضيل العزلة والبعد عن التواصل الاجتماعي بجميع أنواعه.

وعلى الرغم من كل تلك الأعراض الطبية العضوية  والنفسية التي تحدثها الإصابة بحالات القلق المستمرة  حياة الإنسان والتي تمثل علامات تحذيرية على الاحتمالية المرتفعة للإصابة بمرض الزهايمر والخرف فإن العلماء وجدوا العديد من الروابط الأخرى التي ربطت بشكل قوي بين المعاناة من نوبات القلق والإصابة بالزهايمر .

ولقد أشارت الطبيبة نانسي دونوفان من مستشفى بريجهام الأميركي أن هناك ترابطاً كبيراً بين مرض الزهايمر وحالات القلق على وجه التحديد وذلك لأن معاناة الإنسان من زيادة التفكير الذي يؤدي في النهاية إلى الإصابة بحالات القلق المرضية يؤدي إلى رفع مادة  بيتا اميلويد الكيميائية  في المخ وهي عبارة عن بروتين موجود في الغشاء الدهني المحيط بالخلايا العصبية.

ويؤدي ارتفاع تركيزها داخل دماغ الإنسان إلى فقدانه العديد من القدرات والعقلية والمعاناة من ضعف عام في كفاءة العقل ووظائف الدماغ .

وأوضح الباحثين أنه وخلال دراسة لعينة عشوائية من البشر من فئات عمرية مختلفة تتراوح ما بين الـ 40 والـ 90 وجدوا بأن الإفراط في الشعور بالقلق له تأثير مماثل تماماً في رفع تلك المادة لدى المصابين به لمستويات تتقارب أو تتساوى مع نسبة تواجدها داخل أدمغة المصابين بمرض الخرف والزهايمر وهو الأمر الذي جعل أطباء علم النفس والباحثين يرفعون من خطورة التعرض لحالات القلق المستمرة .

وفي تلك الدراسة وجد القائمين عليها الكثير من المفارقات القوية فيما يخص حالات ونوبات القلق المستمرة والقوية التي يصاب بها العديد من البشر فبحسب الفحوصات على أدمغة المشاركين في الدراسة تبين أن المصابين بنوبات القلق لديهم ارتفاع كبير وملحوظ في نسبة مادة  بينا الأميلوبد الكيميائية داخل أدمغتهم بالمقارنة مع المصابين بأعراض أو أمراض نفسية أخرى بما في ذلك الاكتئاب وهو الأمر الذي يجعل نوبات القلق علامة أولوية قوية على احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر أو الخرف  دوناً عن باقي الأمراض والاضطرابات النفسية الأخرى  

ولأن الوقاية خير من العلاج وبسبب أن علاج مرض الزهايمر لا يزال حتى الأن في علم الغيب ولم يتم الوصول إليه داخل المختبرات الطبية فإن المتخصصين يعتقدون بأن الفحص المبكر والحصول على الاستشارات الطبية النفسية فور أو اقتراب الإصابة بنوبات قلق مستمرة وقوية هي أفضل الطرق المتاحة لتجنب الإصابة بمرض الزهايمر أو الخرف وذلك بسبب الارتباط الوثيق الذي يجمع بين نوبات القلق ومرض الزهايمر .

ونصح المتخصصين بسرعة التوجه إلى الأطباء النفسيين خصوصاً بالنسبة لكبار السن إذا تمت ملاحظة ظهور أعراض نوبات القلق على سلوكهم حتى لا يتطور الأمر بسرعة ويصل إلى الإصابة بمرض الزهايمر والخرف 

ومع التقدم العلمي في المجال الطبي يوم بعد يوم ونشر المزيد من الأبحاث العلمية التي تختص بمعالجة مرض الزهايمر والخرف يأمل العلماء بالوصول إلى علاج نهائي لهذا المرض خلال السنوات القليلة القادمة .

زر الذهاب إلى الأعلى