الرجوع بعد الطلاق

يقول الله سبحانه وتعالى ” وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا”، بسبب مشاكل وضغوط الحياة النفسية يلجأ الزوجان إلى الطلاق، ولكن بعد انتهاء اجراءات الطلاق وانفصال الزوجين، ويعود كل منهما لمنزل الأهل مره اخرى، وبمرور الوقت يجد الزوجان أنفسهم غير قادرين على الأستغناء عن بعضهم البعض، ويبدأ كل منهما في البحث عن طريق للرجوع مرة اخرى، خاصة بعد التفكير العميق في تلك الأسباب التي قد دفعتهم للطلاق، فاذا كانت اسباب بسيطة وتفهه فيبدأ كل شخص بتأنيب نفسه ويتمنى ان يعود به الوقت مرة اخرى لكي يصلح من نفسه ويرضي الطرف الاخر، ولكن ماهو حكم الرجوع بعد الطلاق، وماهي هي الحالات التي يجوز فيها الرجوع، والحالات التي يستحيل فيها الرجوع تابع معانا ..

طلاق الزوجان
طلاق الزوجان

الطلاق

أبغض الحلال عند الله الطلاق، الله سبحانه وتعالى أمرنا ان نتزوج اذا كان ذلك في استطاعة المراء وقدرته، وذلك استناداً على قول رسول الله قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ، وجعل شروط للزواج وهو الحب والمودة والرحمة بين الزوجين، وان يراعي كل منهما الاخر، وعدم ايذاء احدى الطرفين للاخر، ولقد أكد رسولنا الكريم على ذلك فكان خير قدوة ومثال للزوج الصالح فكان يعامل زوجاته بكل عطف وحنان ومودة ورحمة، ولكن اذا سقط احدى شروط الزواج وتعرض احدى الطرفين إلى ايذاء نفسي وجسدي، فمثلا تعرضت الزوجة إلى ضرب مبرح من زوجها أو أي نوع اخر من التعذيب، أو تعرض الزوج إلى الخيانة من زوجته، وصعبت الحياة بينهم واصبحت مستحيله، فهنا شرع الله سبحانه وتعالى الطلاق ايضاً ويعتبر هنا الاختيار الصحيح، ولكن اذا كان لا يوجد اي سبب للطلاق ففي هذه الحالة هو أمر مذموم ومكروه.

بغض الحلال عند الله الطلاق
بغض الحلال عند الله الطلاق

حالات الرجوع بعد الطلاق

أولاً: الرجوع بعد الطلاق في حالة الطلاق الرجعي

من حالات الرجوع بعد الطلاق هو الرجوع الرجعي، وهذا الرجوع لا يتم الا اذا كان قد وقع طلقة واحدة أو طلقتين فقط، ولكن هناك شروط لرجعة الزوجة مرة اخرى وهو ان تكون الزوجة لم تنتهي بعد من فترة عدتها ( أي لم يمر عليها 3 فترات من الحيض)، أن يكون نية الزوج سليمة بمعنى انه يكون غرضه الأصلاح والرجوع إلى زوجته والتعايش معاً برحمة ومودة، ولا يكون لديه أي نوايا خفية من أهانتها أو ايذائها بأي شكل من الأشكال، اذا كانت المرأة قد أنهت عدتها فلا يجوز وقوع الطلاق الرجعي، أما اذا كانت مازالت خلال فترة عدتها وبعد الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية فهنا يجوز ان يقوم الزوج بأتمام الطلاق الرجعي حتى في حالة عدم موافقة الزوجة وبدون أخبارها، أما اذا كانت المرأة خارج فترة العدة وانهتها فهنا يجوز الرجوع بعقد جديد ومهر جديد .

ثانياً: الرجوع بعد الطلاق في حالة الطلاق البائن

في حالة ان الزوج طلق زوجته وأوفت شهور العدة اي مر عليها( 3 فترات حيض) ولم يرجعها إليه ولم يتم طلاق رجعي، فهنا وقع الطلاق البائن، ولكن بعد وقوع الطلاق البائن اراد الزوج أن يعود لزوجته مرة اخرى وذلك  بعد الطلقة الأولى والثانية فقط، فلا رجوع بعد الطلقة الثالثة الا اذا تزوجت الزوجة من رجل اخر وتم النكاح بينهم وأنفصلوا بأرادتهم وليس لهدف الرجوع للزوج، هنا يجوز الرجوع بعقد ومهر جديد،  ولكن بعد الطلقة الأولى والثانية من الطلاق البائن هنا شروط رجوع الطلاق البائن أن يقوم بالعقد عليها بمهر جديد وعقد جديد.

ثالثاُ: الرجوع بعد الطلاق في حالة رفض الولي

بعد وقوع الطلاق بين الزوجين سرعان ما يشعر احدهما بالندم ، ويريد أن يصلح الأمر وان يعود مرة اخرى إلى زوجته، ولكن يواجه بعد الصعوبات مثل رفض الولي، وهنا يجوز في الحالتين أن يعود لزوجته، في حالة الطلاق الرجعي وعدم انتهاء العدة  يجوز ان يرجعها إلى عصمته حتى ولو رفض الولي، أما في حالة الطلاق البائن فيجوز أيضاً ان يعقد عليها مرة اخرى بحضور شاهدين عدلين وذو خلق.

الطلاق الرجعي
الطلاق الرجعي

طرق الرجوع بعد الطلاق للزوجة

هناك طريقتين فقط يمكن من خلالهم الرجوع بعد الطلاق للزوجة مرة اخرى، أما الرجوع بالقول أو الرجوع بالفعل، ولكل منهما شروط واجب الالتزام بها ..

اولاً: الرجعة بالقول

هناك أكثر من لفظ اذا نطقه الزوج يجوز به اتمام الرجعة مثل ” راجعتك، أو ارتجعتك، أو رجعتك أمراتي، أو رددتك لعصمتي ـو أمسكتك أو رددتك ” فأي لفظ بنفس المعنى سواء كان صريح أو غير صريح يؤدي إلى نفس المعنى، وتكون الرجعة صحيحة ولكن هناك شروط للرجعة وهي أن تكون في حالة الطلاق الرجعي بمعنى أنها مازالت في عدتها ولم يمر عليها 3 فترات حيض، وأن تكون في حالة الطلقة الأولى أو الثانية فقط، فلا يجوز أتمام الرجعة في حالة الطلقة الثالثة أو في حالة أن تكون قد أوفت المرأة عدتها.

ثانياً: الرجعة بالفعل

  • اذا كانت المرأة في فترة العدة ولم يمر عليها 3 فترات من الحيض، وهذه هي الطلقة الأولى أو الثانية لها، يجوز أن يتم أرجعها بالفعل بحيث يكون الفعل صريح بمعنى ان يحدث جماع بينهما، أو ينظر إليها بشهوة ولكن هناك اختلاف بين الفقهاء في هذه الجزئية فلقد اكد الحنيفة أنه هناك شرط أن يكون قد وجه الرجل النظر إلى زوجته بشهوة اتجاه فرجها فقط، هنا تتم الرجعة، ومن الممكن ان تبادر الزوجة بذلك فمثلا يجوز ان تنظر لزوجها بشهوة أو تقبله وبالتأكيد برضاء الزوج ومن ثم حدوث جماع بينهم تصح أيضاً الرجعة، وتصبح رجعة بالفعل.
  • اختلفت المذاهب، فلقد أكد المالكية على أنه يجوز الرجعة في حالة تأكيد نية الزوج، بمعنى ان يتم الفعل ويكون الزوج نيته الرجوع إلى زوجته فهنا تعتبر  رجعة صحية، وبالفعل وأصبحت المرأة في عصمت زوجها مرة اخرى، ولكن رأى المذهب الشّافعي انه لا يوجد راجعة بالفعل عن طريق الجماع والنكاح حتى اذا توافرت نية الزوج ولا يوجد رجعة بالنظر إلى فرج المرأة بشهوة وذلك لأنهم يروا أن الطلاق قد وقع واصبحت المرأة اجنية عن زوجها حتى اذا لم يتم انهاء العدة ومن الأفضل اتمام الرجوع الا بالقول ويفضل ان يكون وقل صريح رددتك وهكذا ..

    الطلاق بين الأزواج
    الطلاق بين الأزواج

أخيراً .. لا يجوز أن يتم الرجعة بالقول أو بالفعل في حالة عدم الدخول بالزوجة، وان يكون الطلاق قد تم قبل الدخول بها ونكاحها، حتى اذا لم توفي عدتها، وذلك استناداً على قول الله تعالي..

قال تعالى:” يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً “

وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم

زر الذهاب إلى الأعلى