التجارة التي لا تبور اعرفها و تاجر فيها

يقول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)  .

فالتجارة التي لا تبور و لن تبور هي التجارة الرابحة التي دل الله عباده المؤمنين عليها و حثهم على التعامل فيها ، و هي و الله الصفقة الرابحة في الدنياو الآخرة ، فكل طاعة لله و قربة اليه سبحانه هي تجارة لن تبور ، و هي ادخار من اعمال الدنيا للآخرة ، و الطاعات و القربات لله أكثر من أن تحصى ، لكن الله في هذه الآية الكريمة خص ثلاثة اعمال من أجل أعمال الطاعة ، نلقي الضوء على بعض فضائل هذه الأعمال الصالحات .

 

تجارة لا تبور
تجارة لا تبور

التجارة التي لا تبور

1 – تلاوة كتاب الله

قراءة القرآن و تدبر معانيه من أقرب القربات و من أجل الطاعات وهي التجارة التي لا تبور ، فكتاب الله هو كلام الله الى خلقه ، ووصيته لهم ، فمن عمل به و قرأه و تدبر مراد الله منه ، نجا في الدنيا و الآخرة .

فضائل قراءة القرآن

قراءة القرآن تطييب للمؤمن

عن أَبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – ، قَالَ : قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ) ، فانظر الى فضل قراءة القرآن حتى للمنافق ، فانه يطيب كظهره أمام الخلق ، أما المؤمن القارئ للقرآن فقد فاز بالتجارة التي لا تبور التجارة الرابحة .

قراءة القرآن سبب لان يذكرك الله

قال صلى الله عليه وسلم :«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم .

فما اعظم من ان يذكرك الله تعالى ،  ثبت في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لأبي بن كعب :«إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» . قَالَ أبيٌّ : آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ :)اللَّهُ سَمَّاكَ لِي( قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي..

خزائن للحسنات

قَالَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : ( مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : {ألم} حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ) ،فنظر يا رعاك الله كم من الحسنات يمكن أن يكتبها الله لك لو قرأت كل يوم جزءاً من القرآن أو بعض جزء ، فهي و الله التجارة التي لا تبور ، و المحروم من حرمه الله .

تجارة لا تبور
تجارة لا تبور

2 – إقامة الصلاة

ذكر الله إقامة الصلاة من ضمن أعمال التجارة التي لن تبور ، فالصلاة هي عماد الدين ، و هو علامة الإسلام ، و مدعاة الولاء و البراء ، فلا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، و من تركها فقد ترك الدين ، و هي من الأمور العظيمة شديدة الخطر ، التي لا ينبغي للمسلم أن يستهين بها ،و ان يحرص على ادائها بأركانها و واجباتها و سننها .

فضل الضلاة

  • الصلاة كفارة للذنوب و المعاصي ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مثلُ الصلواتِ الخمسِ كمثلِ نهرٍ جارٍ غَمْرٍ على بابِ أحدِكم، يغتسلُ منهُ كل يومٍ خمسَ مراتٍ)  ، فالصلاة تغسل الذنوب كما تغسل المياه الجسم و تزيل عنه الادران و الأوساخ ، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ)  .
  • الصلاة سبب لرفع الدرجات في الجنة ، و هي من التجارة التي لا تبور ، و هي تسبب القرب من الله ، فقد أوصى النبي صلى الله عليه و سلم لمن أراد أن يتقرب الى الله بكثرة السجود أي كثرة الصلاة ، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لثوبان رضي الله عنه: (عليك بكثرةِ السجودِ للهِ، فإنك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلّا رفعَك اللهُ بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً( ، و عندما جاء سيدنا كعب بن ربيعة الى النبي صلى الله عليه و سلم و سأله مرافقته في الجنة ،قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم )فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ) .
  • الصلاة هي أفضل الأعمال بعد الشهادتين ، عبد اللَّه بن مسعود – رضى الله عنه – قال: سألت رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أفضل؟ قال: “الصلاة لوقتها” قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: “برّ الوالدين” قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: “الجهاد في سبيل اللَّه” .
  • الصلاة نور لصاحبها في الدنيا و الآخرة ، فيالها من تجارة لا تبور و لن تبور ، فعن عبداللَّه ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: “من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبيّ بن خلف”.

3 – الصدقة و الإنفاق في سبيل الله

الصدقة من التجارة التي لا تبور ، و هي من احب الاعمال و القربات الى الله ، والصدقة على ما فيها من عطف على الفقراء و المساكين ، فإنها تساعد في نزع الحقد و الحسد بين الاغنياء و الفقراء ، فالقير عندمت يرى المسلم الغني يعطيه من ماله و لا يبخل عليه ، يتمنى له زيادة الرزق و البركة ، و للصدقة فضائل عظيمة في الاسلام .

 

تجارة لا تبور
تجارة لا تبور

فضل الصدقة

  • الصدقة تطفئ غضب الله تعالى فقد قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى» [صحيح الترغيب]
  • الصدقة تجارة لا تبور تعمل على غفران الذنوب و الخطايا ، قال  صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار» [صحيح الترغيب]
  • الصدقة جعلها الله سبباً في علاج الأمراض ، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة) .
  • الصدقة سبباً في زيادة الرزق و الإخلاف من الله بغيرها ،  يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا» [في الصحيحين].

التجارة التي لا تبور هي كل طاعة و عمل صالح يقربك الى الله ، التجارة التي لا تبور هي كل عمل للآخرة يدخره العبد لنفسه في الدنيا ، التجارة التي لا تبور هي كل أمر أطاع العبد فيه ربه و خالف هواه ، التجارة التي لا تبور هي كل معصية اجتنبها العبد وآثر عليها رضا مولاه .

زر الذهاب إلى الأعلى