الأسد في براثنه .. مسقط دولة الفرس .. سعد بن أبي وقاص

هو الأسد في براثنه و مسقط دولة الفرس الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، يقول عن نفسه رضي الله عنه “ولقد أتى عليّ يوم، واني لثلث الاسلام” .. !! يعني أنه كان ثالث أول ثلاثة سارعوا الى الاسلام  ، هاجر الى المدينة ، و شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و قاتل بين يديه في أحد و رمي المشركين بالنبل ، و في خلافة أبو بكر كان من الذين حموا المدينة من المرتدين و من هجوم العرب ، وهو بطل القادسية التي تم للمسلمين بعدها ازالة دولة الفرس من الوجود و اسقاطها و دخول عاصمتها .

من هو سعد بن أبي وقاص؟

هوسَعْد بن أَبي وقاص القرشي الزهري، واسم أَبي وقاص: مالك بن وُهَيب وقيل: أُهيب بن عبد مناف بن زُهْرة ، أسلم رضي الله عنه و هو ابن تسعة عشر سنة و قيل سبعة عشر سنة ، و كان سعد بن أبي وقاص من أمهر الناس في رمي السهام ، و كان حاد البصر ، لا يخطئ هدفاً أراده ، فرأى ذات يوم شيئًا يزول، فقال لمن معه: «ترون شيئًا؟» قالوا: «نرى شيئًا كالطائر.» قال: «أرى راكبًا على بعير»، ثم جاء بعد قليل عم سعد على بُخْتي، فقال سعد: «اللهم إنا نعوذ بك من شَرِّ ما جاء به.) .

 

الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص
الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص

فضل سعد بن أبي وقاص

سعد بن أبي وقاص هو أول من رمى بسهم في سبيل الله ،  فيقول : ” والله اني لأوّل رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله ” .

أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد : ” ارم سعد فداك أبي وأمي “.

ويقول علي ابن أبي طالب : ” ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدا بأبويه الا سعدا، فاني سمعته يوم أحد يقول : ارم سعد .. فداك أبي وأمي “.

انه كان مستجاب الدعوة ببركة دعوة رسول الله صلى الله عليه و سلم له  ” اللهم سدد رميته .. وأجب دعوته “.

سعد بن أبي وقاص المستجاب الدعوة

عرف سعد بن أبي وقاص بين الصحابة أنه مستجاب الدعوة ، لا يدعوا على أحد إلا استجاب الله له فيه و من ذلك ما يرويه عامر بن سعد فيقول : ” رأى سعد رجلا يسب عليا، وطلحة والزبير فنهاه، فلم ينته، فقال له : اذن أدعو عليك، فقال ارجل : أراك تتهددني كأنك نبي .. !!
فانصرف سعد وتوضأ وصلى ركعتين، ثم رفع يديه وقال : اللهم ان كنت تعلم أن هذا الرجل قد سبّ أقواما سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبّه ايّاهم، فاجعله آية وعبرة .. فلم يمض غير وقت قصير، حتى خرجت من احدى الدور ناقة نادّة لا يردّها شيء حتى دخلت في زحام الناس، كأنها تبحث عن شيء، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها .. وما زالت تتخبطه حتى مات .

موقعة الجسر

في موقعة الجسر قبل القادسية قتل الفرس من المسلمين عدد كبير و قتلوا قائد الجيش أو عبيد الثقفي الذي تعجل رحمه الله و عبر بالجيش الاسلامي النهر و قطع أحد أفراد الجيش المتحمسين الجسر بعد ان عبروا عليه حتى لا يرجع المسلمون أو يفروا ، و لولا أن الله أرشد الصحابي البطل المثني بن حارثة الشيباني لاعادة ربط الجسر المنقطع ، و عبر بالجيش المسلم الى الجهة المقابلة للنهر ، لكان الفرس أفنوا الجيش المسلم عن آخره.

و بعد موقعة الجسر نقض الفرس وأهل البلاد المفتوحة قبل المعركة العهود ، و ثاروا على المسلمين ، فأخرج المثنى بن حارثة الجيش المسلم من أعماق العراق ، و جعله على حدود الجزيرة انتظاراً لمدد المسلمين و امر الخليفة .

الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص .
الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص .

سعد بن أبي وقاص بطل القادسية

لما علم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما حدث للمسلمين في العراق غضب ، و عزم على قيادة الجيش بنفسه لحرب الفرس ، و استخلف على المدينة على بن أبي طالب ، ثم جمع اهل المشورة و الرأي ليستشيرهم في مسيره الى العراق و قيادة جيوش الفتح ، وقد أرسل إلى علي فقدم من المدينة، ثم استشارهم فكلهم وافقوه على الذهاب إلى العراق إلا عبد الرحمن بن عوف فإنه قال له: (إني أخشى إن كسرت أن تضعف المسلمون في سائر أقطار الأرض، وإني أرى أن تبعث رجلا وترجع أنت إلى المدينة)،فرجع  عمر والناس عند ذلك واستصوبوا رأي ابن عوف. فقال عمر: «فمن ترى أن نبعث إلى العراق»، فقال: «قد وجدته». قال: «من هو؟» قال: «الأسد في براثنه سعد بن مالك الزهري.» فاستجاد قوله، وأرسل إلى سعد فأمره على العراق .

وصية عمر لسعد بن أبي وقاص

قبل مسير سعد بن أبي وقاص بالجيش المسلم الى القادسية أوصاه عمر بن الخطاب فقال له( يا سعد بن وهيب لا يغرنك من الله أن قيل خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فإن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم، وهم عباده، يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن فارقنا عليه فالزمه، فإنه أمر. هذه عظتي إياك إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك وكنت من الخاسرين) .

سعد بن أبي وقاص في القادسية

سار سعد بالجيش المسلم الذي كان يبلغ ثلاثين ألف مقاتل ، ليقابل رستم قائد الفرس في جيش قوامه مائة و عشرين ألف مقاتل ، و مثلهم من الخدم ، و التقي الجيشان بعد مفاوضات و تلكؤ رستم في مقابلة المسلمين ، و خوفه من القتال ، و استمرت المعركة ثلاثة أيام ، يتقاتل الجيشان بالنهار و يتحاجزون بالليل ، إلا اليوم الأخير فقد استمر القتال بالنهار و عندما نزل الليل أبي المسلمون على ما بهم من تعب وجهد أن يتحاجزوا ، و استمر القتال طوال الليل حتى أصبح الصباح ، و عندها ثارت ريح عنيفة و تراب كثيف ، و طار لواء الفرس و كان قد بلغ بهم الجهد مبلغه بسبب ثبات المسلمين على قلة عددهم ، و استطاع احد أبطال المسلمين أن يخترق قلب الجيش الفارسي و يقتل رستم الذي حاول الفرار بالسباحة في النهر ، ثم كبرالمسلمين و انكسر الجيش الفارسي .

و بعد القادسية فتح المسلمون المدائن و جلولاء و نهاوند وباقي بلاد الفرس .

الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص .
الاسد في براثنه مسقط دولة الفرس سعد بن ابي وقاص .

سعد بن أبي وقاص بعد عمر بن الخطاب

بعد وفاة عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة نفر يختاروا منهم الخليفة منهم سعد بن أبي وقاص ، ثم لما وقعت الفتنة بين على و معاوية ، اعتزل سعد بن أبي وقاص الفتنة و لم يدخل فيها ، و لزم بيته .

وفاة سعد بن أبي وقاص

توفي سعد بن أبي وقاص في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، وذلك في العام الثامن و الخمسون من الهجرة ، و قيل السابع و الخمسون ، فرضي الله عن سعد بن أبي وقاص بطل الاسلام ومسقط دولة الفرس .

زر الذهاب إلى الأعلى