هل سورة الفاتحة رقية

 

إن الله عز وجل  أنزل القرآن الكريم ووضع فيه من البركات والمعجزات والأسرار الكثير ، واختص الله سبحانه وتعالى بعض سور القرآن ببعض الفضائل والبركات التي تميزها عن السور الأخرى وذلك لعظمتها ، وكل سور القرآن عظيمة  ، واختص بعض السور بالفضل لعلو مكانتها عند الله ، ومن هذه السور سورة الفاتحة التي ميزها الله بالكثير من الفضائل والبركات ، و سنوضح في هذا المقال فضل سورة الفاتحة وبعض أسمائها وايضا المقاصد التي توجد بها .

نص سورة الفاتحة

﷽

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿2﴾ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿3﴾ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿4﴾ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿5﴾ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿7﴾

 

 فضل سورة الفاتحة :

سورة الفاتحة هي أول سورة في المصحف الشريف وهي سبع آيات أولها البسملة وهي مكية نزلت في مكة وهي لها فضل وتميز خاص في الاسلام واختصها الله تعالى بخصائص خاصة بها وحدها دون سائر السور وسنذكر فيما يلي بعض فضائلها  :

سورة الفاتحة رقية :

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ابلغ أصحابه أن سورة الفاتحة رقية ،  وأنه يجوز لنا ان نرقي بها الاستشفاء والتداوي بها من الأمراض سواء كانت الأمراض عضوية او نفسية ،  ويُستشفى بها من المرض ، ومن العين والحمى، ولدغ الحية والعقرب، ومن كل داء وسم .

والدليل من السنة النبوية على أن الفاتحة رقية ويمكن الاستشفاء والتداوي  بها هو :

عن أبي سعيد الخدري:”أن ناسا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل، فأعطي قطيعا من غنم فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال: (وما أدراك أنها رقية)؟ ثم قال: (خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم). رواه مسلم برقم «5863».

كيف يمكن أن نتداوى بسورة الفاتحة ؟

يمكننا  الاستشفاء و التداوي بسورة الفاتحة عن طريق قراءة سورة الفاتحة مرة أو أكثر في ايدينا ، ثم النفث في يدينا ثم نمسح بأيدينا  مكان الألم سواء لأنفسنا ولغيرنا ، كما يمكن  قراءة سورة الفاتحة على ماء و شربه ، أو الاغتسال به ، بشرط أن لا نغتسل به في مكان النجاسات  وأن لا يسقط في مكان النجاسات ، أو يمكن قراءة الفاتحة على عسل ثم تناوله ، وهذا نافع -بإذن الله تعالى- بشرط أن يكون الراقي مخلصا لله تعالى في الرقية لأن الرقية تعتبر نوع من الدعاء ، ويجوز أن تكون سورة الفاتحة رقية يمكننا التداوي بها بشرط أيضا أن يعتقد الراقي بسورة الفاتحة  أن الشفاء بيد الله تعالى وحده ، وإن الرقية هي سبب فقط .

ما ورد عن بعض السلف بالرقية بفاتحة الكتاب :

قال ابن القيم: «كثيرًا ما كنت أسمع ابن تيمية يقول إياك نعبد: فيه علاج الرياء، وإياك نستعين فيه علاج للكبرياء». ويقول ابن القيم  أيضًا: «مكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ولا أجد طبيبًا، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة فأرى لها تأثيرًا عجيبًا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألمًا وكان كثيرًا منهم يبرأ سريعًا.»

قال ابن القيم: “كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني، وذلك في أثناء الطواف وغيره، فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم، فكأنه حصاة تسقط، جربت ذلك مراراً عديدة، وكنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء”. مدارج السالكين (1/ 58).

 

ومن فضل سورة الفاتحة أيضا أنها من أعظم سور القرآن الكريم .

والدليل على انها اعظم سورة في القرآن الحديث التالي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا أعلِّمُك أعظمَ سورةٍ في القرآنِ قبل أن تخرج من المسجدِ. فأخذ بيديَّ، فلما أردْنا أن نخرج، قلتُ : يا رسولَ اللهِ، إنك قلتَ : لأعلِّمنَّك أعظمَ سورةٍ من القرآن  . قال : { الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ } . هي السبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه( . صحيح.).

وايضا من فضل سورة الفاتحة أن  قراءة سورة الفاتحة ركن أساسي في الصلاة ، وشرط أساسي لصحة الصلاة :

ولعظم سورة الفاتحة عند الله وعلو مكانتها  فهي تقرأ في كل الصلوات ولو لم تقرأ في كل ركعة لبطلت الصلاة .

والدليل من السنة النبوية على ذلك هو :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتابِ ). صحيح .

ولا يصح لمسلم بالغ عاقل ان لا يتعلم الفاتحة فلابد لكل مسلم ان يتعلمها حتي يستطيع ان يصلي بها في كل الصلوات ،  لانها شرط رئيسي وركن اساسي في الصلاة .

ومن فضل سورة الفاتحة  ايضا انها اعتبرها الله قسمة بين العبد وربه  :

فإذا حمدته وأثنيت عليه واخلصت له العبادة واستعنت به وحده أعطاك مسألتك .

والدليل من السنة النبوية على ذلك هذا الحديث : عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين قال الله تعالى: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.(صحيح مسلم وسنن النسائي الكبرى و المسند وأبو داود والترمذي )

 

أسماء سورة الفاتحة :

لسورة الفاتحة أسماء كثيرة وقد عدها السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن خمسةً وعشرين اسمًا بين ألقاب وصفات جرت على ألسنة القراء من عهد السلف ، ومنها :  الفاتحة او فاتحة الكتاب ومنها أم الكتاب ومنها القرآن العظيم، ومنها سورة الحمد، ومنها الوافية، ومنها الكافية ومنها السبع المثاني ومنها الرقية لمشروعية الرقية بها ، ومنها الشافية أو الشفاء ، ومنها انها سورة الصلاة لأنها ركن وشرط لصحة الصلاة ، ومنها أم القرآن ، وسورة الكنز وسورة النور والمناجاة والتفويض والأساس .

مقاصد سورة الفاتحة :

اجملت وجمعت سورة الفاتحة كل  مقاصد القرآن الكريم في هذه السورة فقد جمعت مقاصد التوحيد والعقيدة والعمل بالتكليف والاستعانة بالله والاخلاص في العبادة ومعرفة أهل الكتاب ومعرفة الانبياء السابقين والمرسلين ،  وقد فصلت هذه المقاصد في كل سور القرآن الكريم ولكنها اجتمعت معا في سورة الفاتحة ، ففي سورة الفاتحة  :

مقصد التوحيد لله وحده في قوله تعالى  الحمد لله رب العالمين والتعبد له بأسمائه وصفاته في قوله الرحمن الرحيم .

ومقصد الإيمان باليوم الآخر والحساب في قوله  مالك يوم الدين .

وايضا مقصد الإيمان بأن السعادة والفوز بالجنة يكون بالعمل الصالح وبعمل التكاليف الشرعية التي أمرنا الله بها والتقرب بها لله في قوله اياك نعبد واياك نستعين .

وايضا بها مقصد ذكر قصص الأنبياء والمرسلين في قوله اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم .

وايضا مقصد معرفة وذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى في قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين .