ماهي شجرة الزقوم

تعرف شجرة الزقوم بالشجرة الملعونة في القرآن وسُميت بذلك لكونها من أشجار الجحيم، والتي أنبتها الله لتكن طعام الآثمين من أهل النار، ووُرد عن النبي صلّ الله عليهِ وسلم أنه قد رأى شجرة الزقوم في رحلة الإسراء والمعراج، وفيما يلي نتناول معاً ما هي شجرة الزقوم الملعونة؟ ومما صُنعت؟ وكيف يكون طعمها وشكلها؟ وما جزاء الآثمين في نار جهنم؟ بالإضافة لما ورد عنها في كلاً من القرآن الكريم والسنة النبوية، وكيف وصفها الله عز وجل في كتابه الكريم.

شجرة الزقوم
شجرة الزقوم

ما هي شجرة الزقوم “الشجرة الملعونة”؟

شجرة الزقوم هي من أشجار الجحيم والتي تنبت من حمم السعير بالجحيم، فجذورها مترسخة في الجحيم، ومع ذلك لا تحترق ولا تتأثر بالنار فقد صنعت من نار جهنم، كما أن رائحتها كريهة وهي قبيحة فثمارها تشبه رؤوس الشياطين في قوله تعالى:

(طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)

أي كريهة المظهر والطعم والمضمون، فهي ذات طعمٍ مر شديد المرارة، وكما ورد عن ابن عباس عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنها أشد مرارة لدرجة أنه إذا قُطّرت قطرة من ثمار الزقوم لمررت عيشة أهل الأرض بأكملها، ولذلك كان النبي صلّ الله عليهِ وسلم دائم التحذير من فعل السوء ودائم الحث على تقوى الله تجنباً لمعاناة الفرد المسلم مما رآه من عذاب الجحيم.

وتشير شجرة الزقوم بمظهرها المهيب والمثير للرعب في قلوب المُعذَّبين وحالتها من حيث الهيئة والطعم، بالإضافة لتأثير طعامها على من يأكله، حيث ذكر الله عز وجل في كتابه:

(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان: 43-46].

وهذا يصف حال أهل النار والاثمين عندما يتضورون جوعاً ولا يجدون ما يطعمهم سوا شجرة الزقوم الشجرة الملعونة كما أطلق عليها النبي صلّ الله عليهِ وسلّم، فيملئون بطونهم بثمارها الكريهة وطعمها المر، ولا يكتفي الأمر حول ذلك بينما يكمن الأذى الفعلي والعذاب الحق فيما يلي مرحلة تناول الطعام، فقد وصف الله تعالى الأمر كما يلي أنه ينزل البطن ويصيبها بالحرقة والتآكل، فيشربون من حميم لعلهم يرتون ولكن لا فائدة، تظل بطونهم تغلي وتنصهر وتذوب مثلما يذوب الحديد المنصهر، ليبدل الله جلودهم وأجسامهم بأخرى جديدة تجرعاً للعذاب مجدداً إلى ما لا نهاية.

ذكر الشجرة الملعونة في القرآن الكريم

ذُكرت شجرة الزقوم في القرآن الكريم بتفاصيلها ووصفها ومدى تأثيرها على الكافرين، وذُكر عن كون أصلها من الجحيم أي صُنعت في النار ومن حمم جهنم، وصنعها الله عز وجل لتكون بمثابة إنذار للكافرين لعلهم يتقون ويرجعون إلى الله، وإن دلت شجرة الزقوم على شيء فهي تدل على مدى سوء أهل جهنم ليعد الله لهم عذاب السعير والحريق كما ذكر في آياته:

(أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ) [الصافات: 62 – 67].

ولذلك أعدها الله لتكون طعام الكافرين والاثمين في قاع جهنم لا تغني من جوع بل تزيد من عذاب جهنم للكافرين إلى جانب طعام من غسلين أي الصديد والقيح، وهو يبعث الخوف في نفوس المجرمين ومن كفر بالله ليكونوا عبرةً للعالمين، وقد ذكر الله تعالى عن شجرة الزقوم أنها تنبت من حمم وطعامها قبيح الشكل والهيئة شبهه الله تعالى برؤوس الشياطين لينفر أهل الأرض منه لعلهم يتقون، وتتفرع غصونها في النار لتظهر بشكلٍ مخيف يرعب الناظرين لها من أهل النار.

ذكر شجرة الزقوم في سنة النبي صلّ الله عليه وسلم

كان النبي صلّ الله عليهِ وسلم يدعوا الناس ليتقوا ربهم ويرجعوا إليه، وكان شديد الإصرار في دعوته للكافرين لعلهم يؤمنون ويتقون، ولذلك كان دائم الحرص على تنبيه المسلمين وتذكيرهم في كل صلاة بأهمية المعية مع الله وإتقاء الله حق تقاته وأن يحافظ الناس على دينهم دين الإسلام حتى الممات.

وقد روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلّ الله عليه وسلم قال وأخبر الناس في خطبته تفسيراً لما جاء في الآية الكريمة: (وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡیَا ٱلَّتِیۤ أَرَیۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِی ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا یَزِیدُهُمۡ إِلَّا طُغۡیَـٰنًا كَبِیرًا) [الإسراء: 60].

ويقصد بالرؤيا هي رؤية النبي صلّ الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، ورحلته مع سيدنا جبريل للسماء السابعة، وكان يقصد بالشجرة الملعونة شجرة الزقوم، فقد أنزل الله آياته كدليلٍ حي تصديقاً لقول النبي وما قصّه في رؤيته، وأكد الله على أن رؤيا النبي في رحلةِ الإسراء والمعراج فتنة للناس، يُصدقها المؤمنين والمسلمين ويكذبها الكافرون ويختلفون فيها ما بين مكذّب ومصدق، فيختلفون في كيفية إنبات شجرة في النار وكيفية نموها وشكل طرحها، ولكن المؤمنين يؤمنون بها لما أنزله الله في كتابه وأسماها بالشجرة الملعونة فلا يأكل منها إلا الملعونين في نار جهنم من الفجار والكفار.

وقد فسر النبي صلّ اللهُ عليهِ وسلّم الآية السابقة من سورة الإسراء في خطبتهِ:

{وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا الَّتي أرَيْناكَ إلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] قالَ: هي رُؤْيا عَيْنٍ، أُرِيَها رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ به إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، قالَ: {والشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ في القُرْآنِ} [الإسراء: 60]، قالَ: هي شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.

لمحة من عقاب الآثمين في الجحيم

لم يقتصر الأمر للكافرين في عذاب الجحيم على شجرة الزقوم ” الشجرة الملعونة في القرآن” بينما أعد الله للكافرين عذاب شديد، فقد أعد لهم سبل مختلفة من أنواع العذاب الأليم، وأما عن طعام الكافرين فهو لا يسمن ولا يسد جوعهم بل يزيدهم عذاباً فوق عذابهم ويسمى الضريع في قوله تعالى:

(لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ) [الغاشية: 6-7 ].

أما عن النوع الثاني من طعام الكافرين في الجحيم فهو شجرة الزقوم، وذلك في قوله تعالى:

(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان: 43-46]

فلا يجد الكافرين ما يمكنهم تناوله في الجحيم فيتناولون من شجرة الزقوم حتى تمتلئ بطونهم منها، وعندما يبتلعونها تصب في بطونهم تغلي كغلي الحميم، فيهرولون ليشربون من حميم لعله يطفئ نارهم، بينما يزيدها حرقة فتهترئ بطونهم وتتجدد مرة أخرى بأمر الله ليستمروا في عذابهم خالدين فيه وبئس المصير في قوله تعالى:

(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) [الواقعة: 51-56 ].

 ما هي صفات شجرة الزقوم
ما هي صفات شجرة الزقوم

حقيقة ظهور شجرة الزقوم في الحياة الدنيا

قد روى بعض الأشخاص عن رؤيتهم لشجرة الزقوم في الحياة الدنيا، بينما إختصها الله تعالى في جهنم وجعلها عذاب للفجرة الكفار، حيث ذكرها الله في كتابه على أنها الشجرة الملعونة والتي هي موجودة بالأصل في الجحيم، ووصفها الله تعالى كما ذكرنا في السابق عن شكلها وغصونها المحترقة في النار، وأن ثمرها يشبه وجوه الشياطين، وصورها الله في هيئتها المرعبة حتى يخافها المؤمنين وييسعون جاهدين لتجنب عقابها.

وأما عن هذه الشجرة التي زُعم أنها شجرة الزقوم، فقد تداولت الأخبار عن وجود شجرة تثمر بالجماجم شمال نجد بالجزيرة العربية، وزعموا أنه شجرة الزقوم لما يبدو عليها من مظهر مرعب وثمارها ذات الشكل القبيح كالجماجم المعذبة التي تثير الخوف وتدب الرعب في وجوه من ينظر إليها، بينما تسمى بشجرة بعدة مسميات منها حنك السبع وفم السمكة، والتي تتسم بأزهارها الوردية الجذابة، وتنبت هذه الشجرة في دول البحر المتوسط.

وتنبت أزهار هذه الشجرة في فصل الشتاء لتصبح بديعة المظهر ولها فوائد عظيمة لما يخرج منها من زيوت عطرية طبيعية، بينما ينقلب الأمر على عقبيه حين تذبل أزهارها وتبدأ في الجفاف والتساقط، فيتحول الجمال المبهر إلى قبح يدب الرعب في القلوب، فتظهر أزهارها الذابلة وكأنها رؤوس مُعذبة وجماجم كما رآها البعض، ولكنها بعيدة تماماً عن كونها شجرة الزقوم.

زر الذهاب إلى الأعلى