تعبير عن المعلم

تعبير عن المعلم

العلم نور والجهل ضلال بضلال ، من منا لا يعرف هذه المقولة الشهيرة ، فبالعلم تزهر المجتمعات وترتقي ، وهو الشعلة المنيرة التي تنير الدرب لجميع الأجيال، وهو السفينة التي تبحر في بحور المعرفة لينهل الطلاب منها، وككل السفن، تحتاج سفينة العلم لقبطان شجاع وقائد، يعمل على قيادتها والإبحار بها بسلام وأمان، للوصول إلى الشطآن، وقبطان هذه السفينة هو المعلم، وهو الثروة الحقيقة وكنز كل مجتمع، وهو المنارة التي تضيء طريق العلم .

تعبير عن المعلم
تعبير عن المعلم

تعجز الحروف عن التّعبير وتتوه الكلمات على السّطور عندما يسألني شخصٌ عن فضل المعلّم، فما من عبارات مدحٍ ولا قصائد شكرٍ تفي حق هذا الشّخص الّذي كرّس أغلب أوقاته لينقل طلّابه وتلاميذه من ظلمة الجهل إلى نور العلم والمعرفة، ليمسي في آخر نهاره متعباً منهكاً منتظراً بشوقٍ فجر يومٍ جديد يبني به جيلاً واعياً متعلّماً قادراً على التّمييز بين الصّواب والخطأ
فما نحن بفاعلين لنردّ جميل فضل المعلّم علينا؟ هل ننسى فضله علينا؟ أم ننسى ما علّمنا إيّاه بشغفٍ وحبٍّ طوال هذه السنين؟ أم نتجاهل كلّ القيم والآداب والأخلاق التي علمنا إياها جاعلاً نفسه قدوةً لها؟ كلّا وألف كلّا، فردّنا للجميل يكون بالتّقيّد بما علمنا إياه وبالاستفادة من المعلومات التي رسخها في أذهاننا لنصبح أطباء ومهندسين ومبرمجين ومعلمي ومربي أجيال المستقبل، لننقل القادم من الجيّد إلى الأفضل، ولنصنع عالماً مليئاً بالخير وخالياً من الفقر والبؤس اللذين يصنعهما الجهل.

و كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته:

قُم للمعلمِ وفّهِ التبجيلا

كاد المعلمُ أن يكونَ رسولا

أعَلِمتَ أشرفَ او أجل من الذي

يبني ويُنشئُ أنفساً وعقولا

المعلّم يترك دفء بيته في الشّتاء وحبّ عائلته في وقت الشّقاء لينير درب طلّابه، ويتحمّل شقاوة طلّابه في سبيل نشر العلم وإتمام رسالته، فنعم الرّسالة هي رسالة العلم، حيث إن العلم يبني الجسور والبيوت وحتّى ناطحات السّحاب، وهو الّذي يداوي الجروح والأمراض والمآسي.
ومما لا شك فيه، فإن صلاح الأرض يصلح الزرع، وفسادها يفسد الزرع، فالمعلم الصالح يزرع كل ما هو جميل في نفوس طلابه، أما المعلم الفاسد فهو كالطاعون الذي يدمر كل ما يصل إليه ويميته، وخير ما قيل عن ذلك، ما تغنى به أمير الشعراء قائلاً:
وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى       روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا
ففساد قبطان السفينة سيدخلها في أمواج البحر المتلاطمة، ويدمرها ويقضي على راكبيها، فالمعلم هو من يصنع بيديه الطبيب والمهندس والشرطي وعامل البناء، فإن لم يكن هؤلاء صفاً متراصاً كالحائط المتين يعملون بحكمة وعدل، تحت قيادة القبطان، فستغرق السفينة براكبيها .
إنّ للمعلم فضل عظيم في المجتمع وفي الأمّة بأسرها، فهو الذي يربّي الأجيال، وينشئ التنشئة السليمة، فيعلّم القراءة والكتابة، ويزرع القيم الإيجابيّة، ويغير أو يعدّل ما استطاع من القيم السلبيّة، وينشر بنور علمه العلم والمعرفة، فيمحو به ظلام الجهل، فيغدو الجيل واعياً متعلماً نافعاً لوطنه وقضيته وأمته .
ما زالت الكلمات تائهةً في بحر السّطور تبحث عن ما تقوله للمعلم، ذلك المنير لدروب الظلام، فمن أعظم من شخصٍ يحاول بجد ودأب أن ينشر ما بجعبته من معلومات وخبايا من دون أن يسأم، أو أن يملّ، أو أن يقف أمام العقبات الكثيرة التي تواجهه في زمننا هذا.
نحن في زمنٍ ننسى فيه جميل غيرنا علينا ولكن هل المعلم كغيره؟ من غيره تتشقّق يداه من الطّباشير ويحلّ المسائل مئات بل ربّما حتّى آلاف المرّات ليستوعبها طلّابه؟ ومن غيره يتغيّر صوته وتتأذّى حباله الصّوتيّة مردّداً بيت الشّعر، أو آيات القرآن بأعذب صوتٍ وبالتّجويد ليكون قد أدّى واجبه على أكمل وجه؟ ومن غيره يقضي السّاعات واقفاً على قدميه اللتين قد تقرّحتا من التّعب؟

فشكراً يا معلّمي، شكراً.

 

زر الذهاب إلى الأعلى