هل الدعاء يغير القدر، خصوصاً في أمر الزواج فأنا معجبة بشاب ودائماً أدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح وأن يكون هذا الشاب، ولكنني عندما أفكر بالقدر أتراجع وأقول: إنه لو كان مقدراً لي فسيكون من نصيبي بغض النظر دعوت أم لا.

وماذا بالنسبة للأحاديث التالية:

1- إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، و إن البر يزيد العمر، ولا يرد القدر إلا الدعاء

2- إذا ألهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن البلاء قصير .

3- إن الله عز وجل ليدفع بالدعاء الأمر الذي علمه أن يدعى له فيستجيب، ولولا ما وفق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجثه من جديد الأرض
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية ، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق وأن يشرح صدرك للإيمان وأن ينور حياتك بالقرآن، وأن يستجيب لدعائك، وأن يرزقك زوجاً صالحاً يكون عوناً لك على طاعته وتُكرمين معه بذرية طيبة مباركة.

بخصوص ما ورد برسالتك: هل الدعاء يغير القدر خصوصاً في أمر الزواج

الجواب: نعم.. وليست هذه الإجابة من عندي أنا شخصياً، بل إنها إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: لا يرد القضاء إلا الدعاء ، فالله تبارك وتعالى علم قبل خلق السموات والأرض أنك سوف تدعينه جل جلاله وتسألينه هذا الزوج بعينه، فالله تبارك وتعالى إن استجاب لدعائك فسوف يكون من نصيبك، وإذا كان ليس في زواجك منه نفع بالنسبة له أو لك؛ لأن الله تبارك وتعالى راعَى مصالح العباد في شرعه، فكل هذا الشرع الذي أنزل وهؤلاء الأنبياء الذين أُرسلوا وهذه الكتب التي أنزلت إنما جاءت لمصالح العباد في دينهم ودنياهم، إلا أن الناس قد يقدمون أشياء على أشياء ويؤخرون أشياء عن أشياء، وقد تكون هناك بعض الأولويات التي يظنون أنها في صالحهم في حين أنها تضرهم، ومن هنا جاء الشرع لضبط سلوك الناس وتحديد مصالحهم ومنافعهم، فالشريعة جاءت لمراعاة مصالح الخلق، والمصلحة هذه قد تغيب عن بالي أنا، بل قد أظن أن الخير في أمر معين لأني أحكم بالظاهر، أما الذي خلق الأشياء ويعلم طبائعها والآثار المترتبة عليها إنما هو الله، ولذلك كما قال الله تعالى مثلا: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ [النور:15]، وقال: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].

فإذن: نحن عندما ندعو الله تبارك وتعالى إنما نفر من قدر الله إلى قدر الله، فلو لم يعنَّا الله تبارك وتعالى ويوفقنا للدعاء لما دعونا، ولذلك بما أن الله شاء وأراد أن يغير قدره بالدعاء أعانك على الدعاء، إذن: الدعاء يرد القضاء قطعاً؛ لأن هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي أخبرنا عليه الصلاة والسلام أن الدعاء والقضاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء، أي: يحدث بينهما نوع من المواجهة، فإذا كان الدعاء أقوى رفع القضاء – رفع الأمر – وإذا كان القضاء أقوى والدعاء أقل أو أضعف نزل هذا القضاء ولكن بصورة أخف، وإذا لم يدع العبد أصابه قدر الله تبارك وتعالى جل جلاله؛ لأن هذه الصور الثلاث إما أن يكون الدعاء أقوى فيغلب، وإما أن يكون القضاء أقوى فيغلب ولكن ينزل مخففاً، وإما أن العبد لا يدعو بالمرة فيصيبه ما قدره الله تبارك وتعالى.

إذن: الدعاء يرد القضاء لأنه من قضاء الله وقدره، ولذلك في أحايين كثيرة نحن نكون في مشاكل كبرى ولا ندعو؛ لأنه لم يوفقنا الله للدعاء، في حين أننا لو دعونا لتغيرت أمورٌ كثيرة، ولكن شاء الله أن يمضي قضاؤه وفق مراده، ولذلك نسَّانا أن ندعو فصارت الأمور كما أراد سبحانه وتعالى.

إذن: نعم لا يرد القضاء إلا الدعاء، سواء كان في أمر الزواج – أختي الكريمة نور – أو في غيره؛ لأن الزواج قدر من الأقدار ورزق من الأرزاق، والله تبارك وتعالى يقول للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9]، إذن: الذي حدث أنه بعد الاستغاثة تحققت الاستجابة، علم الله أن نبيه سيسأله ويتضرع إليه بشدة وقوة وإلحاح، ولذلك كتب النصر له ولأصحابه رغم قلة العُدد وقلة العَدد.

إذن: لا يرد القضاء إلا الدعاء، هذه حقيقة، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، مما نزل من البلاء الموجود الحالي، فالله تبارك وتعالى ببركة الدعاء يرفع هذا البلاء أو يخففه، والذي سيأتي في المستقبل أيضاً الله تبارك وتعالى يُبين أن الدعاء يؤثر فيه، ولذلك أنت تقولين: اللهم إني أسألك الجنة، ومع كثرة سؤالك الله الجنة يجعلك الله سبحانه وتعالى من أهل الجنة، وتقولين: اللهم أجرني من النار، ومع كثرة استعاذتك بالله من النار يعافيك الله من النار.
فالدعاء ينفع في تغيير الوضع الحالي، أعظم وسيلة للتغير هي الدعاء، المستقبل أيضاً أعظم وسيلة لتغييره ليكون على الحال الأفضل لي إنما هو الدعاء، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء؛ فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد ، فهذه وصية النبي عليه الصلاة والسلام، فما دام الإنسان يدعو لا يتعرض للهلاك، بإذن الله تعالى، وكثير من المصائب والبلايا حقيقة تُرفع بالدعاء ولكن نحن لا ندري، فقد تكون هذه الدعوة منذ خمس سنوات وجاء البلاء الآن فخففه الله ببركة دعاء خمس سنوات، قد يكرمك الله عز وجل بقضاء حاجة من الحاجات ببركة دعاء أمك لك منذ عشرين عاماً مثلاً، دعت هذه الدعوة وظلت معلقة؛ لأن الدعاء قد يست

شاركها.